جهة ثالثة فإنّ التعبير ب عَذابٌ
مِنَ الرَّحْمنِ يشير إلى أن أمرك نتيجة هذا الشرك و عبادة
الأصنام قد بلغ حدّا بحيث أن اللّه- الذي عمت رحمته الأرجاء- سيغضب عليك و يعاقبك،
فانظر إلى عملك الذي تقوم به كم هو خطير و كبير! و من جهة رابعة، فإنّ عملك سيؤدي
بك في النهاية أن تستظل بولاية الشيطان.
بحوث
1- طريق النفوذ إلى الآخرين
إنّ طريقة محاورة إبراهيم لآزر- الذي كان- طبقا للرّوايات- من عبدة الأصنام،
حيث كان يصنعها و يبيعها، و كان يعتبر عاملا مهمّا في ترويج الشرك- تبيّن لنا
بأنّه يجب استخدم المنطق الممتزج بالاحترام و المحبة و الحرص على الهداية، مقترنا
بالحزم قبل التوسل بالقوة، للنفوذ إلى نفوس الأفراد المنحرفين، لأنّ الكثير
سيذعنون للحق عن هذا الطريق، و هناك جماعة سيظهرون مقاومتهم لهذا الأسلوب، و من
الطبيعي أن حساب هؤلاء يختلف، و يجب أن يعاملوا بأسلوب آخر.
2- دليل اتباع العالم
قرأنا في الآيات- محل البحث- أن إبراهيم دعا عمه آزر لاتباعه، مع كبر سنة و
شهرته في المجتمع. و يذكر دليله على دعوته هذه فيقول: إِنِّي قَدْ جاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ ما لَمْ يَأْتِكَ.
إنّ هذا قانون عام في أن الذين لا يعلمون يتبعون العالمين فيما يجهلونه، و هذا
في الواقع هو منهج الرجوع إلى المتخصصين في كل فن، و من ذلك مسألة تقليد المجتهد
في فروع الأحكام الإسلامية.