إنّ سير الأحداث صاحبها حتى آخر مرحلة، بحيث لم يبق بينها و بين الموت إلّا
خطوة واحدة، لكن فجأة يرجع كل شيء إلى وضعه، و يهّب كل شيء لمساعدتها، و تخطو في
محيط هادئ مطمئن من كل الجهات.
جملة وَ هُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ التي تأمر مريم بتحريك النخلة لتستفيد من ثمرها، أعطت درسا
لها و لكل البشر، بأن لا يكفوا عن الجد و السعي حتى في أشد لحظات الحياة و أصعبها.
إنّه جواب لأولئك الذين يسألون عن الحاجة بأنّ مريم التي وضعت حملها لتوها
تقوم و تهزّ النخلة، ألم يكن من الأولى أن يرسل اللّه- الذي- بعث عين الماء العذب
قرب مريم تلك الشجرة اليابسة- نسمة و ريحا تهزّ النخلة و تسقط الثمر قرب مريم؟ فما
الذي حدث، حيث أن مريم عند ما كانت سالمة صحيحة كانت تحضر الفاكهة جنب محرابها،
أمّا الآن و قد ابتليت بكل هذه المشاكل فإنّ عليها أن تقطف الثمر بنفسها؟
أجل، إن هذا الأمر الإلهي لمريم يوضح أنّه لا بركة بدون حركة، و بتعبير آخر،
فإن على كل إنسان أن يبذل قصارى جهده عند ظهور المشاكل، و ما وراء ذلك فعلى اللّه.
2- لماذا طلبت مريم الموت من اللّه؟
لا شك أن طلب الموت من اللّه عمل غير صحيح، إلّا أنّه قد تقع حوادث في حياة
الإنسان يصبح فيها طعم الحياة مرّا، و خاصّة إذا رأى الإنسان أهدافه المقدسة أو
شرفه و شخصيته مهددة بالخطر، و لا يملك قدرة الدفاع عن نفسه أمامها، و في مثل هذه
الظروف يتمنى الإنسان الموت للخلاص من العذاب الروحي.