الصحيحة، و عند ما نفقد الإخلاص يكون العمل ذا جنبة ظاهرية حيث يشير إلى
المنافع الخاصّة، و يفقد عمقه و أصالته و وجهته الصحيحة.
في الحقيقة إنّ العمل الصالح الذي ينبع من أهداف إلهية، و يمتزج بالإخلاص و
يتفاعل معه، هو الذي يكون جوازا للقاء اللّه تبارك و تعالى.
و قد أشرنا سابقا إلى أنّ العمل الصالح له مفهوم واسع للغاية، و هو يشمل أي
برنامج مفيد و بنّاء، فردي و اجتماعي، و في أي قضية من قضايا الحياة.
الإخلاص أو روح العمل الصالح:
أعطت الرّوايات الإسلامية مكانة خاصّة لقضية «النية»، و الإسلام في العادة يقر
بقبول الأعمال بملاحظة النية و الهدف من العمل.
الحديث المشهور
عن النّبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «لا عمل إلّا بنية»
بيان واضح لهذه الحقيقة.
و بعد (النية) هناك (الإخلاص)، فلو اقترن العمل بالإخلاص فسيكون عملا ثمينا
للغاية، و بدون الإخلاص هو لا قيمة له. و الإخلاص هو أن تكون الدوافع الإنسانية
خالية من أي نوع من أنواع الشوائب، و يمكن أن نسمّي الإخلاص ب «توحيد النية» يعني
التفكير باللّه و برضاه في جميع الأمور و الحالات.
و الطريف في الأمر هنا هو ما
ورد في سبب نزول هذه الآية من أنّ رجلا
جاء إلى النّبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فقال: إنّي أتصدق و أصل الرحم، و لا
أصنع ذلك إلّا للّه، فيذكر ذلك منّي، و أحمد عليه فيسرّني ذلك، و أعجب به. فسكت
رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و لم يقل شيئا، فنزلت الآية: فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا
صالِحاً وَ لا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً[1].
إنّ المقصود من هذه الرّواية ليس الفرح أو السرور اللاإرادي، بل هي الحالة
[1]- مجمع البيان في تفسير الآية. و
كذلك تفسير القرطبي.