ستجزى بالحسنى و ستعيش حياة آمنة و مطمئنة. أمّا الثّانية: فستتخذ موقفا
عدائيا من دعوة ذي القرنين و تقف في الجبهة المناوئة، و تستمر في شركها و ظلمها، و
تواصل فسادها. و هي لذلك ستعاقب نتيجة موقفها هذا أشدّ العقاب.
و بمقارنة قوله: مَنْ ظَلَمَ و قوله: مَنْ آمَنَ
وَ عَمِلَ صالِحاً يتبيّن لنا أنّ الظلم يعني هنا الشرك و العمل
غير الصالح الذي يعدّ من ثمار شجرة الشرك المشؤومة.
و عند ما انتهى «ذو القرنين» من سفره إلى الغرب توجه إلى الشرق حيث يقول
القرآن في ذلك: ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً أي استخدم الوسائل و الإمكانات التي كانت بحوزته.
حَتَّى إِذا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ. و هنا رأى أنّها:
وَجَدَها تَطْلُعُ عَلى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِها سِتْراً. و في اللفظ كناية عن أنّ حياة هؤلاء الناس بدائية جدّا، و
لا يملكون سوى القليل من الملابس التي لا تكفي لتغطية أبدانهم من الشمس.
أمّا بعض المفسّرين فلم يستبعدوا افتقار هؤلاء الناس إلى المساكن التي تحميهم
من الشمس [1].
و هناك احتمال آخر يطرحه البعض، و يرى أن يكون هؤلاء القوم في أرض صحراوية
تفتقر للجبال و الأشجار و الملاجئ، و أن ليس في تلك الصحراء ما يمكّن هؤلاء القوم
من حماية أنفسهم من الشمس من غطاء أو غير ذلك [2].
[1]- أشارت بعض الرّوايات الواردة عن
أهل البيت عليهم السّلام إلى التّفسير الأوّل، فيما أشارت روايات أخرى إلى
التّفسير الثّاني. و ليس ثمّة تناقض بين الإثنين (يراجع نور الثقلين، ج 3، ص 306).
[2]- تفسير في ظلال القرآن، و الفخر
الرازي أثناء تفسير الآية.