وَ وَجَدَ عِنْدَها قَوْماً أي مجموعة من الناس فيهم الصالح و الطالح، هؤلاء القوم هم الذين خاطب اللّه
ذا القرنين في شأنهم: قُلْنا يا ذَا
الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَ إِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً[1].
و يرى بعض المفسّرين في كلمة (قلنا) دليلا على نبوة ذي القرنين. و لكن من
المحتمل أن يكون المقصود بهذا التعبير هو الإلهام القلبي الذي يمنحه الخالق جلّ و
علا لغير الأنبياء أيضا، هذا و ليس بالإمكان انكار أنّ التعبير الآنف الذكر يشير
بالفعل إلى معنى النّبوة.
بعد ذلك تحكي الآيات جواب «ذي القرنين» الذي قال: قالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ
يُرَدُّ إِلى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذاباً نُكْراً[2]. أي إنّ الظالمين سينالون العذاب الدنيوي و
الأخروي معا.
أي أنّنا سنتعامل معه بالقول الحسن، فضلا عن أنّنا سنخفف عنه و لا نجعله يواجه
المشاكل و الصعاب، بالإضافة إلى أنّنا سوف لن نجبي منه ضرائب كثيرة.
و الظاهر أنّ ذا القرنين أراد من ذلك أن الناس سينقسمون مقابل دعوتي الى
التوحيد و الإيمان و النهي عن الظلم و الفساد إلى مجموعتين، الأولى: هي المجموعة
التي سترحب ببرنامجه الإلهي و دعوته للتوحيد و الإيمان و هذه
الوصف يبيّن لنا بأنّ الأرض التي بلغها «ذو القرنين» كانت مليئة بالمستنقعات،
بشكل كان ذو القرنين يشعر معه بأنّ الشمس كانت تغرب في هذه المستنقعات، تماما كما
يشعر بذلك مسافر البحر، و سكّان السواحل الذين يشعرون بأنّ الشمس قد غابت في البحر
أو خرجت منه!
. (1)- يظهر أن جملة إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ ... استفهامية بالرغم من أنّ ظاهرها أنّها جملة خبرية.
[2]- «نكر» مشتقة من «منكر» بمعنى
الشيء المجهول؛ أي العذاب المجهول الذي لم يمكن تصوره.