المقدار في اليوم التالي لبلوغ نفس درجة النشوة، بل عليه زيادة الكمية
بالتدريج، و الشخص الذي كان يكفيه في السابق قصر واحد مجهّز بجميع الإمكانات و
بمساحه عدة آلاف بين الأمتار، يصبح اليوم إحساسه بهذا القصر عاديا، فينشد الزيادة.
و هكذا في جميع مصاديق الهوى و الشهوة حيث أنّها دائما تنشد الزيادة حتى تهلك
الإنسان نفسه.
4- ملابس الزينة في العالم الآخر
قد يطرح البعض هذا السؤال: لقد ذمّ اللّه تعالى الزينة و التزيّن في القرآن بالنسبة
لهذه الحياة، إلّا أنّه يعد المؤمنين بمثل هذه الأمور في ذلك العالم، إذ تنص
الآيات على الذهب و ملابس الحرير و الإستبرق و السرر المساند الجميلة؟
قبل الإجابة على هذا السؤال ينبغي أن نوضّح بأنّنا لا نوافق على توجيه هذه
الكلمات على أنّها كناية عن مفاهيم معنوية و يفسّرون الآيات على هذا الأساس، لقد
تعلمنا من القرآن الكريم أنّ المعاد ذو جانبين: معاد روحاني و معاد جسماني.
و على هذا الأساس، فإنّ لذات ذلك العالم يجب أن تكون موجودة في المجالين، و
اللذات الروحية- طبعا- لا يمكن مقايستها باللذات الجسمية. و لكن لا بدّ من
الاعتراف بأنّنا لا نعرف من نعم ذلك العالم سوى أشباح بعيدة، و نسمع كلاما يشير
إليها.
اذا؟ لأنّ نسبة ذلك العالم إلى عالمنا هذا كنسبة عالمنا إلى عالم الجنين في
بطن الأم، فإذا قدّر للأم أن تقيم رابطة بينها و بين الجنين، فلا يسعها إلّا أن
توضح للجنين بالإشارات جمال هذه الدنيا بشمسها الساطعة و قمرها المنير، و العيون
الفوّارة، و البساتين و الورود و ما شابهها، حيث لا توجد ألفاظ كافية لتبيان كل
هذه المفاهيم للجنين في رحم الأم كي يفهمها و يستوعبها.
كذلك فإنّ النعم المادية و المعنوية لعالم الآخرة لا يمكن توضيحها لنا بشكل