و مع وضوح هذه المقدمة نجيب على السؤال و نقول: إن ذم اللّه عز اسمه لحياة
الزينة و الترف في هذه الدنيا يعود إلى أن محدودية هذا العالم تسبب أن تقترن
الزينة و الترف مع أنواع الظلم و الانحراف الذي يكون بدوره سببا للغفلة و الانقطاع
عن اللّه.
إنّ الاختلافات التي تبرز خلال هذا الطريق ستكون سببا للحقد و الحسد و العداوة
و البغضاء، و أخيرا إراقة الدماء و الحروب.
أمّا في ذلك العالم اللامحدود من جميع الجهات، فإنّ الحصول على هذه الزينة لا
يسبّب مشكلة و لا يكون سببا للتمييز و الحرمان، و لا للحقد و النفرة، و لا يبعد
الإنسان عن اللّه في ذلك المحيط المملوء بالمعنويات حيث لا حسد و لا تنافس و لا
كبر و لا غرور تؤدي ابتعاد خلق اللّه عن اللّه، كما في زينة الحياة الدنيا.
فإذا كان الحال كذلك فلما ذا يحرم أهل الجنة من هذه المواهب و العطايا الإلهية
التي هي لذّات جسمية إلى جانب كونها مواهب معنوية كبيرة!
5- الاقتراب من الأثرياء بسبب ثروتهم:
الدرس الآخر الذي نتعلمه من الآيات الآنفة، هو أنّه يجب علينا أن لا نمتنع عن
إرشاد و توجيه هذه المجموعة- أو تلك- بسبب كونها ثرية أو ذات حياة مرّفهة، بل إنّ
الشيء المذموم هو أن نذهب لهؤلاء لأجل ثروتهم و دنياهم المادية، و نصبح مصداقا
لقوله تعالى: تُرِيدُ زِينَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا أمّا إذا كان الهدف هو الهداية و الإرشاد، أو حتى
الاستفادة من إمكانياتهم من أجل تنفيذ النشاطات الإيجابية و المهمّة اجتماعيا،
فانّ مثل هذا الهدف لا يعتبر غير مذموم و حسب، بل هو واجب.