و حسب، بل في عالم التكوين أيضا. إنّه من غير المتوقع أن تنصلح أمور مجتمع في
مرحلة البناء خلال ليلة واحدة لأنّ البناء الحضاري الفكري و الثقافي و الاقتصادي و
السياسي يحتاج إلى المزيد من الوقت.
و هذا الكلام يعني أنّنا إذا لم نصل إلى النتيجة المطلوبة في وقت قصير فعلينا
أن لا نيأس و نترك بذل الجهد أو المثابرة. و ينبغي أن نلتفت إلى أنّ الانتصارات
النهائية و الكاملة تكون عادة لأصحاب النفس الطويل.
2- علاقة العلم بالإيمان
الموضوع الآخر الذي يمكن أن نستفيده من الآيات أعلاه هو علاقة العلم بالإيمان،
إذ تقول الآيات: إنّكم سواء آمنتم باللّه أو لم تؤمنوا فإنّ العلماء سيؤمنون
باللّه إلى درجة أنّهم يعشقون الخالق و يسقطون أرضا ساجدين من شدّة الوله و الحبّ،
و تجري الدّموع من أعينهم، و إنّ هذا الخشوع و التأدّب يتصف بالاستمرار في كل عصر
و زمان.
إنّ الجهلة- فقط- هم الذين لا يعيرون أهمية للحقائق و يواجهونها بالاستهزاء و
السخرية، و إذا أثّر فيهم الإيمان في بعض الأحيان فإنّه سيكون تأثيرا ضعيفا خاليا
من الحبّ و الحرارة.
إضافة إلى ذلك، فإنّ في الآية ما يؤكّد خطأ و خطل النظرية التي تربط بين الدين
و الجهل أو الخوف من المجهول. أمّا القرآن فإنّه يؤكّد على عكس ذلك تماما، إذ يقول
في مواقع متعدّدة: إنّ العلم و الإيمان توأمان، إذ لا يمكن أن يكون هناك إيمان
عميق ثابت من دون علم، و العلم في مراحلة المتقدمة يحتاج إلى الإيمان. (فدقق في
ذلك).