عند مجيء النعم، بحيث أنّهم ينسون واهب و معطي هذه النعم، و لا يقتصر الأمر
على النسيان و حسب، بل ينتقل إلى الاعتراض التكبر و عدم الالتفات للخالق.
جملة مَسَّهُ الشَّرُّ تشير إلى أدنى سوء يصيب الإنسان. و المعنى أنّ هؤلاء من الضعف و عدم التحمّل
بحيث أنّهم ينسون أنفسهم و يغرقون في دوّامة اليأس بمجرّد أن تصيبهم أبسط مشكلة.
الآية الثّانية تخاطب الرّسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فتقول: قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ.
فالمؤمنون يطلبون الرحمة و الشفاء من آيات القرآن الكريم، و الظالمون لا
يستفيدون من القرآن سوى مزيد من الخسران، أمّا الأفراد الضعفاء فيصابون بالغرور في
حال النعمة. و يصابون باليأس في حال ظهور المشاكل ... هؤلاء جميعا يتصرفون وفق
أمزجتهم، هذه الأمزجة التي تتغيّر وفق التربية و التعليم و الأعمال المتكررة
للإنسان نفسه.
و في هذه الأحوال جميعا فإنّ هناك علم اللّه الشاهد و المحيط بالجميع و خاصّة
بالأشخاص المهتدين: فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ
بِمَنْ هُوَ أَهْدى سَبِيلًا.
بحوث
1- الغرور و اليأس
يتداول على ألسنتنا أنّ فلانا أصبح بعيدا عن اللّه، أو أنّه نسي اللّه بعد أن
تحسنت أموره. و رأينا أنّ أمثال هؤلاء الأشخاص الذين نسوا اللّه كيف يصابون باليأس
الذلة و الهلع عند ما تنزل بهم أبسط الشدائد، بحيث لا نكاد نصدّق بأنّهم سبق و أن
كانوا على غير هذه الحال! أجل، هكذا حال هؤلاء الجماعة من ضيقي التفكير و ضعيفي
الإيمان، و على العكس من ذلك حال أولياء اللّه، حيث تكون نفوسهم واسعة و أرواحهم
وضاءة