تعاليمهم البناءة من الأشواك، أشواك الوثنية و الشرك و العبودية لغير اللّه
تعالى.
و يستفاد من الآية (23) في سورة نوح خاصّة أنّ الناس في زمن النّبي نوح عليه
السلام كانوا يعبدون أصناما متعددة تدعى «ودّ» و «سواع» و «يغوث» و «يعوق» و
«نسر»، التي سيأتي الحديث عنها عند تفسير تلك الآية بإذن اللّه.
و بعد أن أيقظ نوح ضمائرهم و فطرتهم الغافية، حذّرهم من مغبة الوثنية و
عاقبتها المؤلمة إذ قال: إِنِّي أَخافُ
عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ.
و المراد من عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ يمكن أن يكون الطوفان المعروف بطوفان نوح، الذي قلّما شوهد
مثله في العقوبات في العظمة و السعة، كما و يمكن أن يكون إشارة إلى العقوبة
الإلهية في يوم القيامة، لأنّ هذا التعبير قد ورد في معنيين من القرآن الكريم.
فإنّنا نقرأ في سورة الشعراء الآية (189):
فَأَخَذَهُمْ عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كانَ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ الآية وردت حول العقوبة التي نزلت بقوم شعيب في هذه الدنيا
بسبب ذنوبهم و معاصيهم، و نقرأ في سورة المطففين الآية (5): أَ لا يَظُنُّ أُولئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ
عَظِيمٍ[1].
إنّ عبارة «أخاف» (أي أخشى أن تصيبكم هذه العقوبة، بعد ذكر مسألة الشرك في
الآية المبحوثة، يمكن أن تكون لأجل أن نوحا يريد أن يقول لهم: إذا لم تتيقنوا وقوع
هذه العقوبة، فعلى الأقل ينبغي أن تخافوا منها، و لهذا لا يجيز العقل أن تسلكوا-
مع هذا الاحتمال- هذا السبيل الوعر، و تستقبلوا عذابا عظيما أليما كهذا.
و لكن قوم نوح بدل أن يستقبلوا دعوة هذا النّبي العظيم الإصلاحية، المقرونة
بقصد الخير و النفع لهم، فينضوون تحت راية التوحيد و يكفون عن الظلم و الفساد، قال
جماعة من الأعيان و الأثرياء الذين كانوا يحسون بالخطر على
[1] كلمة عظيم في الآية أعلاه صفة
«ليوم» لا للعذاب.