تشير إلى قصص ثلة من الأنبياء الكرام و الرسل العظام مثل «نوح» و «هود» و
«صالح» و «شعيب» و بالتالي «موسى بن عمران» عليهم السلام أجمعين، كي تقدم أمثلة
حية لهذه الأبحاث و بصورة عملية في ثنايا تاريخهم الحافل بالحوادث و العبر.
فيبدأ سبحانه من قصة نوح النّبي، و يستعرض قسما من حواراته مع قومه الوثنيين
المعاندين.
و قد وردت قصة نوح في سور قرآنية متعددة، مثل سورة هود، الأنبياء، و المؤمنون،
الشعراء، كما أنّ هناك سورة قصيرة في القرآن الكريم باسم «سورة نوح» و هي السورة
الحادية و السبعون من سور الكتاب العزيز.
و سوف يأتي شرح و دراسة جهود هذا النّبي العظيم، و كيفية صنعه للسفينة، و
الطوفان الرهيب، و غرق قومه الأنانيين الفاسدين و الوثنيين بإسهاب في السور
المذكورة، و هنا أكتفي- فقط- بإعطاء فهرست عن ذلك ضمن ست آيات هي:
يقول أوّلا: لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ.
إنّ أوّل شيء ذكّرهم به هو إلفات نظرهم إلى حقيقة التوحيد، و نفي أي نوع من
أنواع الوثنية فَقالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما
لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ.
إنّ شعار التوحيد ليس شعار نوح وحده، بل هو أوّل شعار عند جميع الأنبياء و
المرسلين الإلهين، و لهذا يشاهد في آيات متعددة من هذه السورة- و غيرها من السور
القرآنية- أنّ أوّل ما يفتتح أكثر الأنبياء دعواتهم به هو هذا الشعار: يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ
غَيْرُهُ (راجع الآيات 65، و 73 و 85 من نفس هذه
السورة).
من هذه العبارات يستفاد جيدا أنّ الوثنية كانت أسوأ مانع في طريق سعادة
البشرية جمعاء، و أنّ حملة غصون التوحيد هؤلاء كانوا أوّل ما يفعلونه لغرس هذه
الغصون في مزرعة الحياة البشرية و تربية أنواع الورود الزاهية و الأشجار المثمرة
فيها، هو أنّهم يشمرون عن ساعد الجدّ ليطهروا الحياة البشرية بمنجل