لقد أثبتت الآية السابقة- في ضوء ما أقيم من برهان واضح- هذه الحقيقة، و هي
أنّ الذي يستحق للعبادة فقط هو اللّه، و في عقيب ذلك ورد الأمر هنا بالدعاء، الذي
هو مخ العبادة و روحها، يقول أوّلا: ادْعُوا
رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَ خُفْيَةً.
و «التضرع» في الأصل من مادة «ضرع» بمعنى الثدي، و على هذا يكون فعل التضرع
بمعنى حلب اللبن من الضرع، و حيث إنّه عند حلب اللبن تتحرك الأصابع على حلمة الثدي
من جهاتها المختلفة استدارا للحليب، لهذا استعملت هذه الكلمة في من يظهر حركات
خاصّة إظهارا للخضوع و التواضع.
و على هذا فإنّ الآية المبحوثة، و عبارة ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً تحثّنا على أن نقبل على اللّه بمنتهى الخضوع و الخشوع و التواضع، بل يجب أن
تنعكس روح