responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 5  صفحة : 79

الدعاء في أعماق روحه، و على جميع أبعاد وجوده، و يكون اللسان مجرّد ترجمانها، و يتحدث نيابة عن جميع أعضائه.

و أمره تعالى- في الآية الحاضرة- بأن يدعى اللّه «خفية» و في السّر، لأنّه أبعد عن الرياء، و أقرب إلى الإخلاص، و لأجل أن يكون الدعاء مقرونا بتمركز الفكر و حضور القلب.

و نحن نقرأ

في حديث‌ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لما كان في إحدى غزواته، و وصل جنود الإسلام إلى واد رفعوا أصواتهم بالتهليل و التكبير قائلين: «لا إله إلّا اللّه» و «اللّه أكبر» فقال النّبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «يا أيّها الناس اربعوا على أنفسكم، أمّا إنّكم لا تدعون أصمّ و لا غائبا، إنّكم تدعون سميعا قريبا، إنّه معكم» [1].

كما و يحتمل في هذه الآية أيضا أن يكون المراد من «التضرع» هو الدعاء الظاهر العلني، و المراد من «الخفية» الدعاء الخفي السّري، لأنّ لكل مقام اقتضاء خاصا، فقد يقتضي أن يكون الدعاء علنا، و ربّما يقتضي خفية و سرا، و هناك رواية وردت في ذيل هذه الآية تؤيد هذا الموضوع.

ثمّ قال تعالى في ختام الآية: إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ‌ أي أنّ اللّه لا يحب المعتدين.

و لهذه العبارة معنى وسيع يشمل كل نوع من أنواع العدوان و التجاوز، سواء الصراخ و رفع الصوت عاليا جدا حين الدعاء، أو التظاهر و ممارسة الرياء، أو التوجه إلى غير اللّه حين الدعاء.

و في الآية اللاحقة يشير تعالى إلى حكم هو في الحقيقة شرط من شروط تأثير الدعاء، إذ قال: وَ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها.

و من المسلم أنّ الأدعية إنّما تكون عند اللّه أقرب إلى الإجابة إذا تحققت فيها


[1] مجمع البيان، المجلد الرابع، الصفحة 429.

اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 5  صفحة : 79
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست