و قد جاء في تفسير علي بن إبراهيم القمي في شأن الآيتين ما يلي: «لما أذّن
أمير المؤمنين أن لا يدخل المسجد الحرام مشرك بعد ذلك، جزعت قريش جزعا شديدا، و
قالوا: ذهبت تجارتنا و ضاعت علينا و خربت دورنا، فأنزل اللّه في ذلك قل (يا محمّد)
إلخ ...
و الآيتان- محل البحث- ترسمان خطوط الإيمان الأصيل و تميزانها عن الإيمان
المبطن بالشرك و النفاق.
كما أنّهما تضعان حدا فاصلا بين المؤمنين الواقعيين و بين ضعاف الإيمان، و
تقول إحداهما بصراحة: إن كانت هذه الأمور الثمانية «في الحياة المادية» التي يتعلق
أربعة منها بالأرحام و الأقارب آباؤُكُمْ
وَ أَبْناؤُكُمْ وَ إِخْوانُكُمْ وَ أَزْواجُكُمْ.
و يتعلق قسم منها بالمجتمع و «العشيرة».
و القسم السّادس يرتبط بالمال.
و السابع بالتجارة و الاكتساب.
و أمّا الثامن- و هو الأخير- فيتعلق بالمساكن ذات الأناقة «و مساكن ترضونها».
فإذا كانت هذه الأمور الثمانية- المذكورة آنفا- أغلى و أعزّ و أحب عند الإنسان
من اللّه و رسوله، و الجهاد في سبيله و امتثال أوامره، حتى أن الإنسان لا يكون
مستعدا بالتضحية بتلك الأمور الثمانية من أجل اللّه و الرّسول و الجهاد، فيتّضح أن
إيمانه الواقعي لم يكمل بعد! فحقيقة الإيمان و روحه و جوهره، كل ذلك يتجلّى
بالتضحية بمثل هذه الأمور من دون تردد.
أضف إلى ذلك، فإن من لم يكن مستعدا للتضحية بمثل تلك الأمور، فقد ظلم