المفسّرين على انحصار هذه الآية بمسألة الإرث، و إذا أردنا أن نختار مثل هذه
التّفسير فإنّ السبيل الوحيد له أن نعده مستثنيا الإرث من الولاية المطلقة، التي
بيّنتها الآيات السابقة لعامّة المهاجرين و الأنصار، فنقول: إنّ الآية الأخيرة
تقول بأنّ ولاية المسلمين العامّة بعضهم لبعض لا تشمل الإرث.
و أمّا الاحتمال بأنّ الآيات السابقة تشمل الإرث أيضا ثمّ نسخت الآية الأخيرة
هذا الحكم منها، فيبدو بعيدا جدّا، لأنّ الترابط في المفهوم بين هذه الآيات جميعا
من الناحية المعنوية، بل حتى التشابه اللفظي، كل ذلك يدل على أنّ الآيات نزلت معا
في وقت واحد. و بهذا لا يمكن القول بالتناسخ بين هذه الآيات.
و على كل حال فإنّ التّفسير الأكثر تناسبا لهذه الآيات هو ما بيناه آنفا.
و في آخر جملة من هذه الآية- التي هي آخر جملة من سورة الأنفال أيضا- يقول
اللّه سبحانه: إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ فما نزل في هذه السّورة من أحكام تتعلق بالأنفال و غنائم
الحرب، و تعاليم الجهاد و الصلح، و أحكام الأسرى و الحرب، و ما يتعلق بالهجرة و
غيرها، كل ذلك كان وفق حساب دقيق يتلاءم و روح المجتمع الإنساني، و العواطف و
البشرية، و المصالح العامّة في جميع جوانبها المختلفة.
ملاحظات
1- الهجرة و الجهاد
إنّ دراسة التاريخ الإسلامي تدلّ على أن هذين الموضوعين كانا من عوامل انتصار
المسلمين الرئيسية قبال عدوّهم، فلولا الهجرة لتمّ دفن الإسلام في مكّة، و لولا
الجهاد لما اتسعت رقعة الإسلام، فالهجرة أخرجت الإسلام من منطقة