و لهذا فقد جاء في بعض الرّوايات الإسلاميّة أنّ النّبي صلّى اللّه عليه و آله
و سلّم أمر بقتل اثنين من أسرى معركة بدر، و هما «عقبة بن أبي معيط» و «النضر بن
الحارث» و لم يرض بأن يفتديا أنفسهما أبدا [1].
3- و في الآيات محل البحث تأكيد على موضوع حرية إرادة الإنسان مرّة أخرى، و
نفي مذهب الجبر، لأنّها تقول: إنّ اللّه يريد لكم الآخرة، و لكن بعضكم أغرته
المنافع الماديّة العابرة و ركن إليها.
و في الآية التالية إشارة إلى حكم آخر من أحكام أسرى الحرب، و هو حكم أخذ
الفداء.
و قد جاء في بعض الرّوايات [2] الواردة في شأن نزول هذه الآيات أنّه بعد انتهاء معركة بدر
و أخذ الأسرى، و بعد ما أمر النّبي أن تضرب عنقا الأسيرين الخطرين «عقبة بن أبي
معيط» و «النضر بن الحارث» خافت الأنصار أن ينفذ هذا الحكم في بقية الأسرى فيحرموا
من أخذ الفداء، فقالوا: يا رسول اللّه إنّا قتلنا سبعين رجلا و أسرنا سبعين، و
كلّهم من قبيلتك فهدب لنا هؤلاء الأسرى لنأخذ الفداء منهم. و كان النّبي يترقب
نزول الوحي، فنزلت هذه الآيات فأجازت أخذ الفداء في قبال إطلاق سراح الأسرى.
و روي أنّ أكثر ما عين فداء على الأسرى من المال هو أربعة آلاف درهم، و أقلّة
ألف درهم، فلمّا سمعت قريش أرسلت فداء الواحد تلو الآخر حتى حررت أسراها.
و العجيب أن صهر النّبي على ابنته زينب «أبا العاص» كان من بين أسرى معركة
بدر، فأرسلت زوجته زينب قلادتها التي أهدتها أمّها خديجة عليهما السّلام إليها في