أحيانا، و أن لا يفروا من العدوّ بسبب قلّة العدد أبدا.
و ممّا يستجلب النظر أنّ أغلب المعارك التي كانت تجري بين المسلمين و أعدائهم
كان فيها ميزان القوى لصالح العدو، و كان المسلمون قلّة غالبا، و لم يكن هذا الأمر
قد وقع في حروب الإسلام في عصر النّبي فحسب- كبدر و أحد و الأحزاب أو كمعركة مؤتة
التي رووا أن جيش المسلمين كان لا يتجاوز ثلاثة آلاف مقاتل، أمّا جيش العدو فأقل
ما ذكروا عنه أنّه كان حوالي مائة و خمسين ألفا، بل حتى الحروب بعد عصر النّبي
صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فقد ذكروا أن فرقا مذهلا كان بين جيش الإسلام الذي
حرر فارس و جيش الساسانيين، فقد قيل مثلا: إنّ الجيش الإسلامي كان لا يتجاوز خمسين
ألف مقاتل، بينما كان جيش خسرو پرويز خمسمائة ألف مقاتل! و أمّا في معركة اليرموك
التي وقعت بين المسلمين و الروم، فقد ذكر المؤرخون أن الجيش الذي جمعه هرقل كان
حوالي مائتي ألف مقاتل، بينما كان جيش الإسلام لا يتجاوز أربعة و عشرين ألفا! و
الأعجب من ذلك أن المؤرخين يذكرون أنّ قتلى جيش الروم في معركة اليرموك كانوا
يزيدون على سبعين ألفا!! و ما من شك أن الموازنة بين القوى أو التفوق العسكري أحد
أسباب النصر بحسب الظاهر، و لكن ما هو السبب الذي كان وراء انتصار المسلمين القلة
في مثل هذه المعارك؟
و الإجابة على هذا السؤال المهم ذكرها القرآن في الآيتين محل البحث في ثلاثة
تعابير:
التّعبير الأوّل: يقول فيه: عِشْرُونَ
صابِرُونَ ثمّ قوله في الآية بعدها: مِائَةٌ صابِرَةٌ أي ذوو
استقامة و ثبات.
و المراد هنا أنّ روح الاستقامة و الثبات، التي هي ثمرة شجرة الإيمان، كانت