responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 5  صفحة : 46

و قد أتى بين المبتدأ و الخبر بجملة معترضة [1]. توضّح الكثير من الإبهامات إذ يقول: لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها.

و هذه الجملة تؤكّد بأنّه لا ينبغي لأحد أن يتصور بأن الايمان باللّه، و الإتيان بالعمل الصالح و سلوك سبيل المؤمنين، أمر متعسر غير مقدور إلّا لأفراد معدودين، لأنّ التكاليف الإلهية في حدود الطاقة البشرية و ليست أكثر منها، و بهذا فتح الطريق في وجه كل أحد عالما كان أو جاهلا، صغيرا كان أو كبيرا، و دعا الجميع إلى اللحاق بهذا الصف، فالمطلوب من كل أحد العمل بمقدار قابليته الفكرية و البدنية و إمكانياته.

إنّ هذه الآية- مثل سائر الآيات القرآنية- تحصر وسيلة النجاة و السعادة الأبدية في الإيمان و العمل الصالح، و هكذا تفنّد العقيدة النّصرانية المحرفة الذين يعتبرون صلب المسيح في مقابل ذنوب البشر وسيلة للنجاة، و يقولون: إنّه قربان لخطايا الإنسانية.

إنّ إصرار القرآن الكريم على مسألة الإيمان و العمل الصالح، في الآيات المختلفة لتفنيد هذه المقولة و أمثالها.

و في الآية اللاحقة أشار تعالى إلى واحدة من أهم النعم التي أعطاها اللّه سبحانه لأهل الجنّة، و التي تكون سببا لطمأنينتهم النفسية و سكنتهم الروحية، إذ قال‌ وَ نَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍ‌.

و (الغل) في الأصل بمعنى نفوذ الشي‌ء خفية و سرّا، و لهذا يقال للحسد و الحقد و العداوة، الذي يتسلّل إلى النفس الإنسانية بصورة خفية (الغل)، و إنّما يطلق «الغلول» على الرشوة بهذه المناسبة لأنّها تؤخذ خفيّة و سرّا لارتكاب‌


[1] ينبغي أن لا يتصور أحد بأنّ معنى الجملة المعترضة هو أنّ مفادها أجنبي و غريب من الموضوع المعترض، بل لا بدّ أنّ هناك ارتباطا ما بينها و بين ما قبلها و ما بعدها، و إن كانت من حيث التركيب توسطت كلاما متصلا، و على هذا الأساس فإنّ الجملة المعترضة معترضة من حيث التركيب اللفظي، لا من حيث المعنى.

اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 5  صفحة : 46
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست