responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 5  صفحة : 406

لا محالة، فأهم مسألة في هذا الطريق هي معرفة الحق و الباطل، معرفة الحسن و القبيح، معرفة الصديق و العدو، معرفة الفوائد و الأضرار، معرفة عوامل السعادة و الضياع، فإذا استطاع الإنسان معرفة هذه الحقائق جيدا فسيسهل عليه الوصول إلى الهدف.

إنّ المشكلة التي تعترض الإنسان غالبا هي خطأه في تشخيص الباطل و اختياره على الحق، و انتخاب العدوّ بدل الصديق، و طريق الضلال بدل طريق الهداية، و هنا يحتاج الإنسان إلى بصر و بصيرة قويّة، و وضوح رؤية. إنّ هذه الآية المباركة تقول: إنّ هذه البصيرة ثمرة لشجرة التقوى. أمّا كيف تعطي هذه التقوى البصيرة للإنسان؟ فقد يكون الأمر مبهما لدى البعض، لكن قليلا من الدقّة و التأمل كافية لتوضيح العلاقة الوثيقة بين هذين الإثنين، و لإيضاح ذلك نقول:

أوّلا: إنّ قوّة عقل الإنسان تستطيع إدراك الحقائق بقدر كاف، و لكن ستائر من الحرص و الطمع و الشهوة و حبّ النفس و الحسد، و الحبّ المفرط للمال و الأزواج و الأولاد و الجاه و المنصب كل ذلك يغدوّ كالدخان الأسود أمام بصيرة العقل، أو كالغبار الغليظ الذي يملأ الآفاق، و هنا لا يمكن للإنسان معرفة الحق و الباطل في أجواء مظلمة، أمّا إذا غسل تلك الغشاوة بماء التقوى و انقشع ذلك الدخان الأسود، عند ذاك تسهل عليه رؤية نور الحق.

ثانيا: أنّنا نعلم أنّ كل كمال في أي مكان إنّما هو قبس من كمال الحق، و كلّما اقترب الإنسان من اللّه فإنّ نور الكمال المطلق سينعكس في وجوده أكثر، و على ذلك فإنّ أي علم و معرفة فهو نبع من علمه و معرفته تعالى، و كلّما تقدّم الإنسان في ظلال التقوى و ترك المعاصي من اللّه، ذابت قطرة وجوده في بحر وجود العظيم أكثر، و سيحصل على مقدار أكثر من العلم و المعرفة.

و بعبارة أخرى فإنّ قلب الإنسان كالمرآة، و وجود اللّه كالشمس الساطعة على الوجود، فإذا تلوثت مرآة قلبه من الأهواء حتى اسودت، فسوف لا تعكس‌

اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 5  صفحة : 406
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست