النور، فإذا تمّ جلاؤها بالتقوى و زال الدرن عنها، فإنّ تلك الشمس الوضاءة
الساطعة ستنعكس فيها و تنير كل مكان.
و لذلك فإنّنا نرى على مدى التأريخ بعض النساء و الرجال المتّقين يملكون وضوحا
من الرؤية لا يمكن بلوغه بوسائل العلم و المعرفة أبدا، فهم يرون أسباب الكثير من
الحوادث التي تعصف بالمجتمع غير المرئية، و يرون وجود أعداء الحق و إن حجبتها آلاف
الستائر الخادعة.
و هذا الأثر العجيب للتقوى في معرفة الواقع، جاء ذكره في الكثير من الرّوايات
و الآيات الأخرى، ففي سورة البقرة تقول الآية 282: اتَّقُوا اللَّهَ وَ يُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ، و جاء في الحديث المعروف: «المؤمن ينظر بنور اللّه».
و في نهج البلاغة في قصار الكلم: «أكثر مصارع العقول تحت بروق المطامع».
ثالثا: بالتحليل العقلي يمكن فهم العلاقة الوثيقة بين التقوى و إدراك الحقائق
أيضا، لأنّ المجتمعات التي تسير في دروب الفساد و الرذيلة و أجهزة الإعلام فيها
تطبل لذلك الميسر، و الصحافة و الراديو و التلفزيون كلها تدعو للتلوث و الانحراف و
خدمة الفساد، فمن البديهي أن يصعب على الناس تمييز الحق من الباطل، الجيد من
الرديء، و نتيجة الأمر، فإنّ انعدام التقوى يكون سببا لفقدان القدرة على هذه
المعرفة أو سوء المعرفة.
و مثال آخر: فإنّ عائلة غير متقيّة، و صغارها يشبون في محيط ملوث بالفساد و
الرّذيلة، فمن العسير على هؤلاء في المستقبل تمييز الجيد من الرديء، و إهدار
القوى و الطاقات في الذنوب يتسبب بقاء الناس على مستوى دان من البصيرة و المعرفة و
انحطاط في التفكير حتى و إن كانوا متقدمين في الصناعة و الحياة المادية.
و بناء على ما تقدم فإنّنا نرى أنّ ادنى انحراف عن التقوى يسبب نوعا من