الجماعة، و كانت شعارتهم قوية. فإظهار المؤمنون الصادقين وفاءهم و خطبة بعضهم
مثل
سعد بن معاذ نيابة عن الأنصار أمام النّبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم
قائلا: «بأبي أنت و أمّي، يا رسول اللّه صلّى اللّه
عليه و آله و سلّم إنّنا قد آمنا بك و صدقناك و شهدنا أنّ ما جئت به حق من عند
اللّه فمرنا بما شئت و خذ من أموالنا ما شئت، و اترك منه ما شئت و الذي أخذت منه
أحبّ إليّ من الذي تركت منه، و اللّه لو أمرتنا أن نخوض هذا البحر لخضنا معك ...
إنّنا لنرجوا أن يقرّ اللّه عزّ و جلّ عينيك بنا ....».
مثل هذا الحديث سرعان ما انتشر بين الأعداء و الأصدقاء، أضف إلى ذلك ما رآه
المشركون من ثبات راسخ عند المسلمين يوم كانوا في مكّة رجالا و نساء.
اجتمعت كل هذه الأمور لترسم صورة الخوف عند المشركين.
ثمّ الريح العاتية التي كانت تهب على المشركين و المطر الشديد عليهم و الخواطر
المخفية لرؤيا (عاتكة) في مكّة، و غيرها من العوامل التي كانت تبعث فيهم الخوف و
الهلع الشديد.
ثمّ آن القرآن يذكّر المسلمين بالأمر الذي أصدره النّبي صلّى اللّه عليه و آله
و سلّم للمسلمين بأنّ عليهم اجتناب الضرب غير المؤثر في المشركين، حال القتال لئلا
تضيع قوتهم فيه، بل عليهم توجيه ضربات مؤثرة و قاطعة فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْناقِ وَ اضْرِبُوا مِنْهُمْ
كُلَّ بَنانٍ.
و (البنان) جمع (البنانة) بمعنى رؤوس أصابع الأيدي أو الأرجل، أو الأصابع
نفسها، و في هذه الآية يمكن أن تكون كناية عن الأيدي و الأرجل أو بالمعنى الأصلي
نفسه، فإنّ قطع الأصابع من الأيدي يمنع من حمل السلاح، و قطعها من الأرجل يمنع
الحركة، و يحتمل أن يكون المعنى هو إذا كان العدو مترجلا، فيجب أن تكون الأهداف
رؤوسهم، و إذ كان راكبا فالأهداف أيديهم و أرجلهم.
كما أنّ بعضا يرى أنّ هذه الجملة هي خطاب للملائكة، إلّا أنّ القرائن تدل