على أنّ المخاطبين هم المسلمون، و إذا كان الملائكة هم المخاطبين فيها فيمكن
أن يكون الهدف من الضرب على الرؤوس و الأيدي و الأرجل، هو إيجاد الرعب فيهم لترتبك
أيديهم و أرجلهم فتسقط و تنحني رؤوسهم. (و بالطبع فإنّ هذا التّفسير يخالف الظاهر
من العبارة، و يجب إثباته بالقرائن تحدثنا عنها سابقا من مسألة عدم قتال
الملائكة).
و بعد كل تلك الأحاديث، و لكيلا يقول شخص بأنّ هذه الأوامر الصادقة تخالف
الرحمة و الشفقة و أخلاق الرجولة، فإنّ الآية تقول: ذلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَ رَسُولَهُ.
و (شاقوا) من مادة (الشقاق) و هي في الأصل بمعنى الإنفطار و الانفصال، و بما
أنّ المخالف أو العدوّ و يبتعد عن الآخرين فقد سمي عمله شقاقا: وَ مَنْ يُشاقِقِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ
شَدِيدُ الْعِقابِ.
ثمّ يؤكّد هذا الموضوع: و يقول: ذوقوا العذاب الدنيوي من القتل في ميدان الحرب
و الأسر و الهزيمة السافرة، و مع ذلك انتظروا عذاب الآخرة أيضا: ذلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَ أَنَّ لِلْكافِرِينَ عَذابَ
النَّارِ.