للقتال حتى قتلوا منهم سبعين «و أبو جهل من القتلى» و أسروا سبعين، و انهزم
الجمع و ولّوا الدبر، و لم يقتل من المسلمين إلّا نفر قليل، و كانت هذه المعركة
أوّل مواجهة مسلحة بين المسلمين و عدوّهم من قريش، و انتهت بالنصر الساحق للمسلمين
على عدوّهم [1].
التّفسير
و الآن و بعد أن عرفنا باختصار كيف كانت غزوة بدر، نعود ثانية إلى تفسير الآيتين.
في الآية الأولى- من الآي محل البحث- إشارة إلى وعد اللّه بالنصر في معركة بدر
إجمالا، إذ تقول الآية: وَ إِذْ يَعِدُكُمُ
اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّها لَكُمْ.
لكنكم لخوفكم من الخسائر و اخطار و بلايا الحرب لم تكونوا راغبين فيها وَ تَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ
لَكُمْ.
و قد جاء في بعض الرّوايات الإسلامية
أن النّبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال لهم: «إحدى الطائفتين لكم، إمّا العير و إمّا النفير».
و كلمة العير تعني القافلة، و النفير يعني الجيش.
إلّا أنّه- كما يلاحظ في الآية الكريمة، أنّ التعبير جاء بذات الشكوكة مكان
الجيش و النفير، و بغير ذات الشوكة مكان القافلة أو العير.
و هذا التعبير يحمل في نفسه معنى لطيفا، لأنّ الشوكة ترمز إلى القدرة و تعني
الشدّة، و أصلها مأخوذ من الشوك، ثمّ استعملت هذه الكلمة «الشوكة» في نصول الرماح،
ثمّ أطلق هذا الاستعمال توسعا على كل نوح من الأسلحة، و لما كان السلاح يمثل
القوّة و القدرة، و الشدّة فقد عبر عنه بالشوكة.
[1] لمزيد من الإيضاح يراجع تفسير نور
الثقلين، ج 2، ص 121 إلى 136 و مجمع البيان ج 4، ص 521، 523، و ما ذكرناه بتصرف و
اختصار.