بتفاوت يسير بين الآيتين، إذ ورد التعبير مكان قوله تعالى: إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ
الْعَلِيمُ و في الآية التّالية بيان للانتصار على وساوس
الشيطان بهذا النحو إِنَّ الَّذِينَ
اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ
مُبْصِرُونَ. أي يتذكرون ما أنعم اللّه عليهم، و يفكرون في
سوء عاقبة الذنب و عذاب الآخرة فيتّضح لهم بذلك طريق الحق.
و الطّائف: هو الذي يطوف و يدور حول الشيء، فكأن وساوس الشيطان تدور حول فكر
الإنسان و روحه كالطائف حول الشيء ليجد منفذا إليه، فإذا تذكر الإنسان في مثل هذه
الحالة ربّه، و استعاذ من وساوس الشيطان و عاقبة أمره، أبعدها عنه. و إلّا أذعن
لها و انقاد وراء الشيطان.
و أساسا فإنّ كل إنسان في آية مرحلة من الإيمان، أو أي عمر كان، يبتلى بوساوس
الشياطين. و ربّما أحس أحيانا أن في داخله قوة مهيمنة تدفعه نحو الذنب و تدعوه
إليه، و لا شك أن مثل هذه الحالة من الوساوس في مرحلة الشباب أكثر منها في أية
مرحلة أخرى، و لا سيما إذا كانت البيئة أو المحيط كما هو في العصر الحاضر من
التحلّل و الحريّة، لا الحرية بمعناها الحقيقي، بل بما يذهب إليه الحمقى «من
الانسلاخ من كل قيد و التزام أخلاقي أو اجتماعي أو ديني» فتزداد الوساوس الشيطانية
عند الشباب.
و طريق النجاة الوحيد من هذا التلوّث و التحلل في مثل هذه الظروف، هو تقوية
رصيد التقوى أولا، كما أشارت إليه الآية
إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا ... ثمّ المراقبة و
التوجه نحو النفس، و الالتجاء إلى اللّه و تذكر ألطافه و نعمه و عقابه الصارم
للمذنب ...
و هناك إشارات كثيرة في الرّوايات الإسلاميّة إلى أثر ذكر اللّه العميق في
معالجة الوساوس الشيطانية. حتى أن الكثير من المؤمنين و العلماء و ذوي المنزلة