responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 5  صفحة : 313

و هذا الأمر لا يخلو من إحدى حالتين، فإمّا أن تكون هذه النعم مدعاة للتنبيه و الإيقاظ فتكون الهداية الإلهية في هذه الحال عملية.

أو أنّ هذه النعم تزيدهم غرورا و جهلا، فعندئذ يكون عقاب اللّه لهم في آخر مرحلة أوجع، لأنّهم حين يغرقون في نعم اللّه و ملذاتهم و يبطرون، فإنّ اللّه سبحانه يسلب عندئذ هذه النعم منهم، و يطوي سجل حياتهم، فيكون هذا العقاب صارما و شديدا جدّا ...

و هذا المعنى بجميع خصوصياته لا يحمله لفظ الاستدراج وحده، بل يستفاد هذا المعنى يفيد مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ‌ أيضا.

و على كل حال، فهذه الآية تنذر جميع المجرمين و المذنبين بأنّ تأخير الجزاء من قبل اللّه لا يعني صحة أعمالهم أو طهارتهم، و لا عجزا و ضعفا من اللّه، و أن لا يحسبوا أنّ النعم التي غرقوا فيها هي دليل على قربهم من اللّه، فما أقرب من أن تكون هذه النعم و الانتصارات مقدمة لعقاب الاستدراج. فاللّه سبحانه يغشّيهم بالنعم و يمهلهم و يرفعهم عاليا، إلّا أنّه يكبسهم على الأرض فجأة حتى لا يبقى منهم أثر، و يطوي بذلك وجودهم و تأريخ حياتهم كله.

يقول الإمام علي عليه السّلام في نهج البلاغة أنّه «من وسّع عليه في ذات يده فلم ير ذلك استدراجا فقد أمن مخوفا» [1].

كما

جاء عنه عليه السّلام في روضة الكافي أنّه قال: «ثمّ إنّه سيأتي عليكم من بعدي زمان ليس في ذلك الزمان شي‌ء أخفى من الحق، و لا أظهر من الباطل، و لا أكثر من الكذب على اللّه و رسوله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم- إلى أن قال- يدخل الداخل لما يسمع من حكم القرآن فلا يطمئن جالسا حتى يخرج من الدين، ينتقل من دين ملك إلى دين ملك، و من ولاية إلى ولاية ملك، و من طاعة ملك إلى طاعة ملك، و من عهود ملك إلى‌


[1] تفسير نور الثقلين، ج 2، ص 106.

اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 5  صفحة : 313
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست