responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 5  صفحة : 300

أصل اللغة تعني نشر الشي‌ء و تفريقه، و قد وردت بهذا المعنى «الثّاني» في القرآن أيضا، كما في عبارة تَذْرُوهُ الرِّياحُ‌ [1].

و لأنّ خلق الكائنات يستلزم تفريقها و توزيعها و انتشارها على وجه الأرض، فقد جاءت هذه الكلمة بمعنى خلق «المخلوق» أيضا:

و على كل حال، فإنّ الإشكال المهم في هذا التعبير هو كيف قال اللّه سبحانه‌ وَ لَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ‌؟ في حين قال في مكان آخر وَ ما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ‌ [2] و طبقا لمعنى هذه الآية فإنّ الجن و الإنس لم يخلقوا لغير عبادة اللّه و الرقي و التكامل و السعادة، أضف إلى ذلك أنّ هذا التعبير تشمّ منه رائحة الجبر في الخلق، و من هنا فقد استدل بعض مؤيدي مدرسة الجبر من أمثال الفخر الرازي بهذه الآية لإثبات مذهبه.

لكنّنا لو ضممنا آيات القرآن بعضها إلى بعض و بحثناها موضوعيّا دون أن نبتلى بالسطحيّة، لوجدنا الجواب على هذا السؤال كامنا في الآية محل البحث ذاتها، كما هو بيّن في آيات أخرى من القرآن الكريم أيضا ... بحيث لا يدع مجالا لأنّ تستغل الآية ليسا فهمها لدى بعض الأفراد. مثل هذا التعبير كمثل قول النجار إذ يقول مثلا: إنّ قسما كبيرا من هذا الخشب و قد هيأته لكي أصنع منه أبوابا جميلة، و القسم الآخر هو للإحراق و الإضرام ... فالخشب الرائق الجيّد المناسب سأستعمله للقسم الأوّل، و أمّا الخشب الردي‌ء غير المناسب فسأدعه للقسم الثّاني.

ففي الحقيقة أنّ للنجار هدفين: هدفا «أصيلا» و هدفا (تبعيّا).

فالهدف الأصيل هو صنع الأبواب و الأطر الخشبيّة الجيّدة و ما إلى ذلك، و هو يبذل قصارى جهده و سعيه في هذا المضمار ...


[1] الكهف، 45.

[2] سورة الذاريات: 56.

اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 5  صفحة : 300
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست