و كما جاء في الرّوايات، فإنّه عند ما رأى هذا الفريق أن عظاته و نصائحه لا
تجدي مع العصاة انزعجوا و قالوا: سنخرج من المدينة، فخرجوا إلى الصحراء ليلا، و
اتفق أن أصاب العذاب الإلهي كلا الفريقين الآخرين.
و أمّا ما احتمله بعض المفسّرين من أنّ العصاة هم الذين أصيبوا بالعذاب فقط، و
نجى الساكتون أيضا، فهو لا يتناسب مع ظاهر الآيات الحاضرة.
3- هل أنّ كلا الفريقين عوقبوا بعقاب واحد
يظهر من الآيات الحاضرة أنّ عقوبة المسخ كانت مقتصرة على العصاة، لأنّه تعالى
يقول: فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ ما نُهُوا عَنْهُ
... و لكن من جانب آخر يستفاد من الآيات الحاضرة-
أيضا- أنّ الناصحين الواعظين فقط هم الذين نجوا من العقاب، لأنّه تعالى يقول: أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ.
من مجموع هاتين الآيتين يتبيّن أنّ العقوبة نالت كلا الفريقين، و لكن عقوبة
المسخ اختصت بالعصاة فقط، و أمّا عقوبة الآخرين فمن المحتمل أنّها كانت الهلاك و
الفناء، بالرغم من أن العصاة أيضا هلكوا بعد مدّة من المسخ حسب ما جاء في هذا
الصدد من الرّوايات. [1]
4- هل المسخ كان جسمانيا أو روحانيا؟
«المسخ» أو بتعبير آخر «تغيير الشكل
الإنساني إلى الصورة الحيوانية» و من المسلّم أنّه حدث على خلاف العادة و الطبيعة.
على أنّه قد شوهدت حالات جزئية من (موتاسيون) و القفزة، و تغيير الشكل
[1] و إذا كان يستفاد من بعض
الرّوايات خلاف هذا الموضوع، فإنّه مضافا إلى أنّه لا يمكن الاعتماد عليه في مقابل
ظاهر الآيات فإنّما ضعيفة من حيث السند أيضا، و يحتمل أن يكون الراوي قد أخطأ في
نقل الرواية.