و يستفاد من بعض الرّوايات أنّهم عمدوا في البداية إلى ما يسمى بالحيلة
الشرعية، فقد أحدثوا أحواضا إلى جانب البحر، و فتحوا لها أبوابا إلى البحر، فكانوا
يفتحون هذه الأبواب في يوم السبت فتقع فيها أسماك كثيرة مع ورود الماء إليها، و
عند الغروب حينما كانت الأسماك تريد العودة إلى البحر يوصدون تلك فتحبس الأسماك في
تلك الأحواض، ثمّ يعمدون في يوم الأحد إلى صيدها، و أخذها من الأحواض، و كانوا
يقولون: إنّ اللّه أمرنا أن لا نصيد السمك، و نحن لم نصد الأسماك إنّما حاصرناها
فقط [1].
و يقول بعض المفسّرين: إنّهم كانوا يرسلون كلاليبهم و صناراتهم و شباكهم في
البحر يوم السبت، ثمّ يسحبونها يوم الأحد و قد علقت بها الأسماك، و هكذا كانوا
يصيدون السمك حتى في يوم السبت و لكن بصورة ما كرة.
و يظهر من بعض الرّوايات الأخرى أنّهم كانوا يصيدون السمك يوم السبت من دون
مبالاة بالنهي الإلهي، و ليس بواسطة أية حيلة.
و لكن من الممكن أن تكون هذه الرّوايات صحيحة بأجمعها و ذلك أنّهم في البداية
استخدموا ما يسمى بالحيلة الشرعية، و ذلك بواسطة حفر أحواض إلى جانب البحر، أو
إلقاء الكلاليب و الصنارات، ثمّ لما صغرت هذه المعصية في نظرهم، جرأهم ذلك على كسر
احترام يوم السب و حرمته، فأخذوا يصيدون السمك في يوم السبت تدريجا و علنا، و
اكتسبوا من هذا الطريق ثروة كبيرة جدا.
2- من هم الذين نجوا؟
الظاهر من الآيات الحاضرة أنّ فريقا واحدا من الفرق الثلاثة (العصاة،
المتفرجون، الناصحون) هو الذي نجى من العذاب الإلهي و هم افراد الفريق
[1] تفسير البرهان، المجلد 2، الصفحة
22، و قد روي هذا الكلام عن ابن عباس في تفسير مجمع البيان في ذيل الآية.