و في الآية اللاحقة يكمّل القرآن الكريم هذا الموضوع و يقول في صورة قانون
عام: وَ الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئاتِ ثُمَّ
تابُوا مِنْ بَعْدِها وَ آمَنُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ فالذين يتوبون من بعد السيئة و تتوفر كل شروط التوبة لديهم
يغفر اللّه لهم و يعفو عنهم.
جواب على سؤالين:
1- هل الآيتان الحاضرتان جملة معترضة وقعت وسط قصّة بني إسرائيل كتذكير لرسول
اللّه و المسلمين؟ أو أنّه خطاب اللّه لموسى عليه السلام بعد قصّة عبادة بني
إسرائيل للعجل؟
ذهب بعض المفسّرين إلى الاحتمال الأوّل، و ارتضى بعض آخر الاحتمال الثّاني.
و الذين ارتضوا الاحتمال الأوّل استدلوا بجملة إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ لأنّ الجملة في صورة خطاب إلى الرّسول الأكرم صلّى اللّه
عليه و آله و سلّم.
و الذين ارتضوا الاحتمال الثّاني استدلوا بجملة سَيَنالُهُمْ غَضَبٌ الذي جاء في صورة الفعل المضارع.
و لكن ظاهر الآيات يفيد أنّ هذه الجملة قسم من خطاب اللّه إلى موسى عليه
السلام في تعقيب قصّة العجل، و فعل المضارع (سينالهم) شاهد جيد على هذا الموضوع، و
ليس هناك ما يمنع أن يكون «إنّ ربّك» خطاب موجه إلى موسى عليه السلام [1].
2- لماذا جاء الإيمان في الآية الحاضرة بعد ذكر التوبة و الحال أنّه ما لم يكن
هناك إيمان لا تتحقق توبة؟
إنّ الجواب على هذا السؤال يتّضح من أن قواعد الإيمان تتزلزل عند
[1] فيكون التقدير في الآية الحقيقة
هكذا: «قال اللّه لموسى أن الذين ...».