responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 5  صفحة : 228

ذلك المجتمع الذي انحرف عن الحق، إذ العودة إلى الحق و الصواب عسيرة في غير هذه الصورة.

إنّ القرآن يستعرض ردّة فعل موسى الشديدة في قبال ذلك المشهد و في تلك الأزمة، إذ يقول: إنّ موسى ألقى ألواح التوراة التي كانت بيده، و عمد إلى أخيه هارون و أخذ برأسه و لحيته و جرهما إلى ناحيته ساخطا غاضبا.

و كما يستفاد من آيات قرآنية أخرى، و بخاصّة في سورة طه، أنّه علاوة على ذلك لام هارون بشدّة، و صاح به، لماذا قصّرت في المحافظة على عقائد بني إسرائيل و خالفت أمري‌ [1].

و في الحقيقة كان هذا الموقف يعكس- من جانب- حالة موسى عليه السلام النفسية، و انزعاجه الشديد تجاه و ثنية بني إسرائيل و انحرافهم، و من جانب آخر كان ذلك وسيلة مؤثرة لهزّ عقول بني إسرائيل الغافية، و الفاتهم إلى بشاعة عملهم.

و بناء على هذا إذا كان إلقاء ألواح التوراة في هذا الموقف قبيحا- فرضا- و كان الهجوم على أخيه لا يبدو كونه عملا صحيحا، و لكن مع ملاحظة الحقيقة التالية، و هي أنّه من دون إظهار هذا الموقف الانزعاجي الشديد لم يكن من الممكن إلفات نظر بني إسرائيل إلى بشاعة خطئهم ... و لكان من الممكن أن تبقى رواسب الوثنية في أعماق نفوسهم و أفكارهم ... إنّ هذا العمل لم يكن فقط غير مذموم فحسب، بل كان يعد عملا واجبا و ضروريا.

و من هنا يتّضح أنّنا نحتاج أبدا إلى التبريرات و التوجيهات التي ذهب إليها بعض المفسّرين، للتوفيق بين عمل موسى عليه السلام هذا و بين مقام العصمة التي يتحلى بها الأنبياء، لأنّه يمكن أن يقال هنا: إنّ موسى عليه السلام انزعج في هذه اللحظة من تأريخ بني إسرائيل انزعاجا شديدا لم يسبق له مثيل، لأنّه وجد نفسه أمام أسوأ


[1] سورة طه: 92- 93.

اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 5  صفحة : 228
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست