إنّ آخر سؤال يطرح نفسه هنا هو: أن موسى عليه السلام بعد أن أفاق قال: تُبْتُ إِلَيْكَ في حين
أنّه لم يرتكب إثما أو معصية، لأن هذا الطلب كان من جانب بني إسرائيل، و كان طرحه
بتكليف من اللّه، فهو أدى واجبه إذن، ثمّ إذا كان هذا الطلب لنفسه و كان مراده
الشهود الباطني لم يحسب هذا العمل إثما؟؟
و لكن يمكن الجواب على هذا السؤال من جانبين:
الأوّل: أن موسى طلب مثل هذا الطلب بالنيابة عن بني إسرائيل، و مع ذلك طلب من
اللّه أن يتوب عليه، و أظهر الإيمان.
الآخر: أنّ موسى عليه السلام و إن كان مكلّفا بأن يطرح طلب بني إسرائيل، و
لكنّه عند ما تجلى ربّه للجبل و اتّضحت حقيقة الأمر، انتهت مدّة هذا التكليف، و في
هذا الوقت لا بدّ من العودة إلى الحالة الأولى يعني الرجوع إلى ما قبل التكليف، و
إظهار إيمانه حتى لا تبقى شبهة لأحد، و قد بيّن ذلك بجملة، إني تُبْتُ إِلَيْكَ وَ أَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ.
5- اللّه غير قابل للرؤية مطلقا
إنّ هذه الآية من الآيات التي تشهد بقوة و جلاء أنّ اللّه غير قابل للرؤية و
المشاهدة مطلقا، لأنّ كلمة «لن» حسب ما هو مشهور بين اللغويين للنفي الأبدي، و على
هذا الأساس يكون مفهوم جملة لَنْ
تَرانِي إنّك لا تراني لا في هذا العالم و لا في
العالم الآخر.
و لو أنّ أحدا شكّك- افتراضا- في أن يكون «لن» للنفي التأبيدي يدل إطلاق
الآية، و كون نفي الرؤية ذكر من دون قيد أو شرط على أن اللّه غير قابل للرؤية في
مطلق الزمان و جميع الظروف.
إنّ الأدلة العقلية هي الأخرى تهدينا إلى هذه الحقيقة، لأنّ الرؤية تختص