و «السنين» جمع «سنة» بمعنى العام، و لكنّها إذا قرنت بلفظة «أخذ» أعطت معنى
الابتلاء بالقحط و الجدب، و على هذا يكون معنى أخذته السنة هو: أصيب بالقحط و
الجدب، و لعل علّة ذلك هي أن أعوام القحط و الجدب قليلة بالقياس إلى أعوام الخصب و
الخير، و على هذا إذا كان المراد من السنة السنين العادية لم يكن ذلك موضوعا
جديدا، و يتبيّن من ذلك أنّ المراد من السنين هي السنين الاستثنائية، أي سنوات
القحط و أعوام الجدب.
و كلمة «آل» كانت في الأصل «أهل» ثمّ قلبت فصارت هكذا، و الأهل بمعنى أقرباء
الإنسان و خاصته، سواء أقرباؤه أو زملاؤه و نظراؤه في المسلك و التفكير و أعوانه.
و مع أنّ القحط و الجدب أصابا حاشية فرعون و مؤيديه أجمع، و لكن الخطاب في
الآية موجه إلى خصوص أقربائه و خاصته، و هو إشارة إلى أن المهم هو أن يستيقظ
هؤلاء، لأنّ بيدهم أزمة الناس ... أن يضلوا الناس، أو يهدونهم، و لهذا توجه الخطاب
إليهم فقط، و إن كان البلاء قد أصاب الآخرين أيضا.
و يجب أن لا نستبعد هذه النقطة، و هي أن الجدب كان يعدّ بلاء عظيما لمصر، لأنّ
مصر كانت بلدا زراعيا، فكان الجدب مؤذيا لجميع الطبقات، و لكن من المسلّم أنّ آل
فرعون- و هم الأصحاب الأصليين للأراضي الزراعية و إنتاجها- كانوا أكثر تضررا بهذا
البلاء.
ثمّ إنّه يعلم من الآية الحاضرة أنّ الجدب استمر عدّة سنوات، لأنّ كلمة «سنين»
صيغة جمع، و خاصّة أنّه أضيف إليها عبارة
نَقْصٍ مِنَ الثَّمَراتِ لأنّ الجدب
المؤقت و العابر يمكن أن يترك شيئا من الأثر في الأشجار و لكن عند ما يكون الجدب
طويلا فإنّه يبيد الأشجار أيضا. و يحتمل أيضا أنّه علاوة على الجدب فانّ الفواكه و
الثمار أصيبت بآفات قاتلة كذلك.