responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 5  صفحة : 172

و كأنّ جملة لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ‌ إشارة إلى هذه النقطة، و هي: أنّ التوجه إلى حقيقة التوحيد موجودة من البداية في الروح الآدمية، و لكنّه على أثر التربية غير الصحيحة أو بطر النعمة ينساها الإنسان، و عند حلول البلايا و الأزمات يتذكر ذلك مجددا، و مادة «تذكر» تناسب هذا المعنى.

هذا و الجدير بالانتباه أنّ جملة لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ‌ جاءت في ذيل الآية (94) و هي مقدمة أخرى- في الحقيقة- لأنّ الإنسان يتذكر أوّلا، ثمّ يخضع و يسلّم، أو يطلب من اللّه الصفح و المغفرة.

و لكن بدل أن يستوعب «آل فرعون» هذه الدروس الإلهية، و يستيقظوا من غفلتهم و غفوتهم العميقة، أساءوا استخدام هذا الظرف و الحالة، و فسّروها حسب مزاجهم، فإذا كانت الأحوال مؤاتية و مطابقة لرغبتهم، و كانوا يعيشون في راحة و استقرار قالوا: إنّ الوضع الحسن هو بسبب جدارتنا، و صلاحنا فَإِذا جاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قالُوا لَنا هذِهِ‌.

و لكن عند ما تنزل بهم النوائب فإنّهم ينسبون ذلك إلى موسى عليه السّلام و جماعته فورا و يقولون هذا من شومهم: وَ إِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسى‌ وَ مَنْ مَعَهُ‌.

و «يطّيروا» مشتقة من مادة «تطيّر» بمعنى التشاؤم، و أصلها من الطير، فقد كان العرب غالبا ما يتشاءمون بواسطة الطيور. و ربّما تشاءموا بصوت الغراب، أو بطيران الطير، فإذا طار من ناحية اليسار اعتبروا ذلك علامة الشقاء و الفشل، و كلمة التطير تعني مطلق التشاؤم.

و لكن القرآن الكريم قال في معرض الردّ عليهم: اعلموا أنّ منشأ كل شؤم و بلاء أصابكم انّما هو من قبل اللّه، و أنّ الله تعالى أراد أن تصيبكم نتيجة أعمالكم المشؤومة، و لكن أكثرهم لا يعلمون‌ أَلا إِنَّما طائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَ لكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ‌.

و الجدير بالتأمل أن هذا النمط من التفكير لم يكن خاصا بالفرعونيين، بل‌

اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 5  صفحة : 172
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست