ما هو المراد
من الفحشاء هنا؟ قالت طائفة كبيرة من المفسّرين: إنّها إشارة إلى تقليد كان سائدا
بين جماعة من العرب في العهد الجاهلي، و هو الطواف حول بيت اللّه المعظم عريانا
«رجالا و نساء» ظنا منهم بأنّ الثياب التي ارتكبت فيها الذنوب لا تليق بأن يطاف
بها حول الكعبة المعظمة.
على أنّ هذا
التّفسير يتناسب مع الآيات السابقة التي دار الحديث فيها عن الثّياب و الألبسة.
و لكنّنا
نقرأ في روايات متعددة أنّ المراد من الفحشاء هنا هو كلام حكّام الجور الذين يدعون
الناس إلى أنفسهم، و يعتقدون بأنّ اللّه فرض طاعتهم على الناس.
و لكن بعض
المفسّرين- مثل كاتب «المنار» و «الميزان»- أخذوا للآية مفهوما واسعا إذ قالوا:
إنّ الفحشاء تشمل كل عمل قبيح منكر، و بملاحظة سعة مفهوم لفظة الفاحشة، فإنّ
الأنسب هو أنّ للآية معنى واسعا سعة معنى الكلمة، و مسألة «الطواف بالبيت عريانا»
و «اتباع القادة و الزعماء الظلمة» تعدّ من المصاديق الواضحة لذلك، فلا منافاة بين
الطائفتين من الرّوايات.
هذا و قد
أعطينا توضيحا كافيا حول التسليم المطلق لتقاليد الأسلاف و أعرافهم عند تفسير
الآية (170) من سورة البقرة.