responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 5  صفحة : 14

تجري على ألسنة بعض الشياطين من الإنس أيضا، و هي أنّه عند ما يسأل الشخص لدى ارتكابه عملا قبيحا، عن دليله يجيب قائلا: هذا ما وجدنا آباءنا يفعلونه: وَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً قالُوا وَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا.

ثمّ يضيفون إلى هذه الحجّة حجّة كاذبة أخرى قائلين: وَ اللَّهُ أَمَرَنا بِها.

إنّ مسألة التقليد الأعمى للآباء، بالإضافة إلى الافتراء على اللّه، عذران مختلفان، و حجّتان داحضتان يتشبث بهما العصاة المتشيطنون لتبرير أعمالهم القبيحة غالبا.

و الملفت للنظر أنّ القرآن الكريم لم يعبأ بالدليل الأوّل (يعني التقليد الأعمى للآباء و الأسلاف) و لم يعتن به، و كأنّه وجد نفسه في غنى عن الرّدّ عليه و إبطاله، لأنّ العقل السليم يدرك بطلانه، هذا مضافا إلى أنّه قد ردّ عليه في مواضع عديدة من القرآن الكريم. و إنّما اكتفى بالردّ على الحجّة الثّانية، أو بالأحرى (التبرير الثّاني) حيث قال: قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ.

إنّ الأمر بالفحشاء حسب تصريح الآيات القرآنية عمل الشيطان لا عمل اللّه، فإنّه تعالى لا يأمر إلّا بالمعروف و الخير [1] ثمّ يختم الآية بهذه العبارة: أَ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ‌.

و رغم أنّ الأنسب أن يقول: لماذا تنسبون ما هو كذب و ليس له واقع إلى اللّه؟

لكنّه قال بدل ذلك: لماذا تقولون ما لا تعلمون على اللّه؟ و هذا في الحقيقة استنادا الى الحدّ الأدنى من موضع قبول الطرف الآخر، فيقال: إذا كنتم لا تتيقنون كذب هذا الكلام، فعلى الأقل ليس لديكم دليل على إثباته، فلما ذا تتهمون اللّه و تقولون على اللّه ما لا تعلمون؟!.


[1]- راجع سورة البقرة، 268 و 269.

اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 5  صفحة : 14
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست