responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 5  صفحة : 135

يكونوا على استعداد لأن يؤمنوا بما كذبوا به من قبل، بل استمروا على تكذيبهم حتى مع مشاهدتهم البينات: فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ‌.

من هذه الجملة يستفاد أنّ الأنبياء الإلهيين قاموا بدعوتهم و إرشادهم مرارا و تكرارا، و لكن المشركين لجوا في عنادهم، و بقوا متصلبين في مواقفهم المتعنتة الرافضة، و أعرضوا عن قبول دعوة الأنبياء حتى بعد وضوح الكثير من الحقائق.

و في العبارة اللاحقة يبيّن تعالى علّة هذا التعنت و اللجاج: كَذلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلى‌ قُلُوبِ الْكافِرِينَ‌.

يعني أنّ الذين يسيرون في درب خاطئ، و يستمرون في السير في ذلك الطريق، ينتقش الانحراف و الكفر على قلوبهم نتيجة تكرار العمل السي‌ء.

و يتجذر الفساد في نفوسهم، كما يثبت النقش على السكة (و الطبع في اللغة نقش صورة على شي‌ء كالسكة) و هذا في الحقيقة هو أثر العمل و خاصيته.

و قد نسب إلى اللّه هو تعالى مسبب الأسباب، و هو منشأ تأثير كل مؤثر، فهو يهب الفعل هذه الخاصية عند تكراره، حيث يجعله «ملكة» في نفس الشخص.

و لكن من الواضح و البيّن أن مثل الضلال ليس له أي صفة جبرية و قهرية، بل إنّ موجد الأسباب هو الإنسان و إن كان التأثير بأمر اللّه تعالى (فتأمل).

و في الآية اللاحقة بيّن تعالى قسمين آخرين من نقاط الضعف الأخلاقي لدى هذه الجماعات، و التي تسببت في ضلالها و هلاكها.

في البداية يقول: إنّهم كانوا لا يحترمون العهود و المواثيق بل ينقضونها وَ ما وَجَدْنا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ.

و هذا العهد يمكن أن يكون إشارة إلى «العهد الفطري» الذي أخذه اللّه على جميع عباده بحكم الجبلة و الفطرة، لأنّه عند ما أعطاهم العقل و الذكاء و القابلية، كان مفهوم ذلك هو أخذ العهد الميثاق منهم بأن يفتحوا عيونهم و آذانهم، و يروا الحقائق و يسمعوها، و هذا هو ما أشارت إليه الآيات الأخيرة من هذه السورة (أي‌

اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 5  صفحة : 135
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست