responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 5  صفحة : 132

نعلم أن مقام العصمة ليس مفهومه أن المعصية مستحيلة عليهم، بل يعني أنّهم مصونون عن الإثمّ و المعصية بفعل إرادتهم و إيمانهم و حسن اختيارهم، إلى جانب العنايات الربانية.

إنّهم كانوا يخافون من ترك الأولى و يتجنبونه، و يخشون أن لا يتمكنوا من القيام بمسؤولياتهم الثقيلة. و لهذا نقرأ في الآية (15) من سورة الأنعام حول الرّسول الأعظم‌ قُلْ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ‌.

و لقد رويت في تفسير الآية الحاضرة- أيضا- أحاديث تؤيد ما قلناه:

«صليت خلف أبي عبد اللّه (الصادق) عليه السلام، فسمعته يقول: «اللّهم لا تؤمني مكرك.

ثمّ جهر فقال: فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ‌.

و نقرأ

في نهج البلاغة أيضا: «لا تأمنن على خير هذه الأمّة عذاب اللّه، لقول اللّه سبحانه: فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ‌ [1].

إنّ عدم الأمن من المكر الإلهي- في الحقيقة- يعني الخوف من المسؤوليات و الخوف من التقصير فيها، و من المعلوم أن الخوف يجب أن يكون في قلوب المؤمنين دائما إلى جانب الأمل بالرحمة الإلهية بشكل متساو، و أن التوازن بين هذين هو منشأ كلّ حركة و نشاط، و هو الذي يعبّر عنه في الرّوايات بالخوف و الرجاء.

و قد جاء التصريح في هذه الرّوايات بوجوب أن يكون المؤمنون دائما بين الخوف و الرجاء، و لكن المجرمين الخاسرين نسوا العقوبات الإلهية بحيث صاروا يرون أنفسهم في منتهى الأمن المكر الإلهي.

و في الآية اللاحقة يقول القرآن الكريم- بهدف إيقاظ عقول الشعوب الغافية و إلفات نظرهم إلى العبر التي كانت في حياة الماضيين: ألا يتنبه الذين ورثوا


[1] نهج البلاغة، الكلمات القصار، الجملة 377.

اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 5  صفحة : 132
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست