الصنائع و في التكنولوجيا، و مع أنّها سخرت طاقات الكون و الطبيعة المختلفة
لخدمة نفسها، فإنّها ضعيفة و عاجزة تجاه هذه الحوادث، بنفس المقدار من العجز و
الضعف الذي كان عليه إنسان العصور السابقة. يعني أن الإنسان لم يتغير حاله تجاه
الزلازل و الصواعق و ما شابهها، حتى بالنسبة إلى إنسان ما قبل التاريخ.
و هذه علامة قوية على نهاية عجز الإنسان و شدة ضعفه رغم قدرته و قوته ...
و هذه حقيقة يجب أن يجعلها الإنسان نصب عينيه دائما و أبدا.
و في الآية اللاحقة يعود القرآن الكريم إلى ذكر و تأكيد هذه الحقيقة بشكل آخر
فيقول: أ فأمن المجرمون من المكر الإلهي، في حين لا يأمن مكره إلّا الخاسرون أَ فَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ
اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ.
و «المكر»- كما قلنا في ذيل الآية 94 من سورة آل عمران- يعني في اللغة العربية
كل حيلة و وسيلة لصرف الشخص عن الهدف الذي يمضي إليه، سواء كان حقا أو باطلا، و قد
أخذ في مفهوم هذه اللغة نوع من التدرج و النفوذ التدريجي.
و على هذا فالمراد من المكر الإلهي، هو أنّ اللّه تعالى يصرفهم بخططه القوية
التي لا تقهر عن حياة الرفاه و اللذة دون اختيارهم و يقطعها عليهم. و هذه إشارة
إلى العقوبات الإلهية الفجائية و المهلكة.
جواب على سؤال:
إنّ الجملة التي وردت في ختام الآية الحاضرة تقول: لا يأمن أحد- إلّا
الخاسرون- من المكر الإلهي و العقوبة الإلهية، و هنا يطرح هذا السؤال، و هو: هل
تشمل هذه العبارة الأنبياء و الأئمّة العظام و الصالحين؟
لقد تصوّر البعض أنّهم خارجون من هذا الحكم، و أنّ الآية تختص بالمجرمين. و
لكن الظاهر أن هذا الحكم عام يشمل الجميع، لأنّه حتى الأنبياء و الأئمّة كانوا
مراقبين لأعمالهم دائما كي لا تصدر منهم أدنى زلة أو عثرة، لأنّنا