لقد دعا الإسلام إلى الطهارة و الاستقامة و الأمانة و الاجتهاد و الجد، فأين
تلك الأمانة و الاجتهاد؟
إنّ الإسلام يدعو إلى العلم و المعرفة و اليقظة و الوعي، فأين ذلك العلم و
الوعي و اليقظة؟! و إن الإسلام يدعو إلى الاتحاد و التضامن و وحدة الصفوف و
التفاني، فهل سادت هذه الأصول و المبادئ في المجتمعات الإسلامية الحاضرة بصورة
كاملة، و مع ذلك بقيت متخلّفة؟! لهذا يجب أن نعترف بأنّ الإسلام شيء، و المسلمون
اليوم شيء آخر.
في الآيات اللاحقة و المزيد من التأكيد على عمومية هذا الحكم، و أن القانون
أعلاه ليس خاصا بالأقوام الغابرة بل يشمل الحاضر و المستقبل أيضا- يقول: هل أنّ
المجرمين الذين يعيشون في نقاط مختلفة من الأرض يرون أنفسهم في أمن من أن تحل بهم
العقوبات الإلهية، فتنزل بهم صاعقة أو يصبهم زلزال في الليل و هم نائمون أَ فَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا
بَياتاً وَ هُمْ نائِمُونَ.
و هل هم في أمان من ذلك العذاب في النهار و هم غارقون في أنواع اللهو و اللعب أَ وَ أَمِنَ أَهْلُ الْقُرى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا
ضُحًى وَ هُمْ يَلْعَبُونَ.
يعني أنّهم في قبضة القدرة الإلهية في جميع الأحوال و الأوقات، ليلا و نهارا،
في اليقظة و النوم، في ساعات الفرح و الترح، و بإشارة واحدة و أمر واحد يقضى عليهم
جميعا، و يطوي صفحة حياتهم نهائيا، دون الحاجة الى مقدمات و أسباب قبلية، أو لمرور
الزمان لهذا العمل.
أجل في لحظة واحدة، و من دون أية مقدمات يمكن أن تحل أنواع المصائب و النوائب
بهذا الإنسان الغافل.
و العجيب أنّ البشرية الحاضرة، رغم كل ما أحرزته من تقدم ورقي في