responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 5  صفحة : 12

مهم، فقد يتساءل أحد: كيف سلّط اللّه العادل الرحيم عدوّا بهذه القوة على الإنسان ... عدوّا لا يمكن مقايسة قواه بقوى الإنسان ... عدوا يذهب حيث يشاء دون أن يحس أحد بتحركاته، بل إنّه- حسبما جاء في بعض الأحاديث- يجري من الإنسان مجرى الدم في عروقه، فهل تنسجم هذه الحقيقة مع عدالة اللّه سبحانه؟! الآية الشريفة- في خاتمتها- ترد على هذا السؤال الاحتمالي إذ تقول: إِنَّا جَعَلْنَا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ‌.

أي إنّ الشياطين لا يسمح لهم قط بأن يتسلّلوا و ينقذوا إلى قلوب و أرواح المؤمنين الذين لم يكونوا على استعداد لقبول الشيطان و التعامل معه.

و بعبارة أخرى: إنّ الخطوات الأولى نحو الشيطان إنّما يخطوها الإنسان نفسه، و هو الذي يسمح للشيطان بأن يتسلل إلى مملكة جسمه. فالشيطان لا يستطيع اجتياز حدود الروح و يعبرها إلّا بعد موافقة من الإنسان نفسه، فإذا أغلق الإنسان نوافذ قلبه في وجه الشياطين و الأبالسة، فسوف لا تتمكن من النفوذ إلى باطنه.

إن الآيات القرآنية الأخرى شاهدة أيضا على هذه الحقيقة، ففي سورة النحل في الآية (100) نقرأ إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَ الَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ‌، فالذين يتعشقون الشيطان و يسلمون إليه زمام أمرهم و يعبدونه هم الذين يتعرضون لسيطرته و وساوسه.

و في الآية (47) من سورة الحجر نقرأ إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ‌.

و بعبارة أخرى: صحيح أنّنا لا نرى الشيطان و جنوده و أعوانه، إلّا أننا نستطيع أن نرى آثار أقدامهم، ففي كل مجلس معصية، و في كل مكان تهيّأت فيه وسائل الذنب، و في كل مكان توفرت فيه زبارج الدنيا و بهارجها، و عند طغيان الغرائز، و عند اشتعال لهيب الغضب، يكون حضور الشيطان حتميا و مسلّما، و كأنّ‌

اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 5  صفحة : 12
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست