الآية
اللاحقة يحذّر فيها اللّه سبحانه جميع أبناء البشر من ذرية آدم من كيد الشيطان و
مكره، و يدعو إلى مراقبته، و الحذر منه، لأنّ الشّيطان أبدى عداءه لأبيهم آدم،
فكما أنّه نزع عنه لباس الجنّة بوساوسه يمكن أن ينزع عنهم لباس التقوى، و لهذا
يقول تعالى: يا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطانُ كَما أَخْرَجَ
أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُما لِباسَهُما لِيُرِيَهُما
سَوْآتِهِما.
و في الحقيقة
إنّ الأمر الذي يربط الآية الحاضرة بالآية السابقة هو أنّ الآية السابقة تحدثت عن
اللباس الظاهري و المعنوي للإنسان (لباس التقوى)، و هذه الآية تضمنت تحذيرا و دعوة
له لمراقبة الشيطان و الحذر من نزعه لباس التقوى عنكم.
على أنّ ظاهر
عبارة لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطانُ هو نهي
الشيطان عن هذا العمل، و لكن أمثال هذه العبارات تعتبر كنايات لطيفة لنهي المخاطب،
و تشبه ما إذا خاطبنا صديقا نحبه قائلين: لا يصح أن يوجه إليك فلان ضربة، أي راقبه
حتى لا تتعرض لضربته و أذاه.
ثمّ إنّ
اللّه تعالى يؤكّد على أنّ الشيطان و أعوانه يختلفون عن غيرهم من الأعداء
إِنَّهُ يَراكُمْ هُوَ وَ قَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ
فلا بدّ من شدّة الحذر من مثل هذا العدوّ.
و في الحقيقة
عند ما تظن أنك و حيد، فإنّه من الممكن أن يكون حاضرا معك، فيجب عليك الحذر من هذا
العدوّ الخفيّ الذي لا يمكن معرفة لحظات هجومه و عدوانه المباغت، و لا بدّ من
اتخاذ حالة الدفاع الدائم أمامه.
و في خاتمة الآية
يأتي سبحانه بجملة هي في الحقيقة إجابة على سؤال
[1]- سفينة البحار، المجلد الثاني، ص 4- 5، مادة
لبس.