الشبهات و تزييف طريق الحق المستقيم في نظرهم، فقال: وَ لا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِراطٍ تُوعِدُونَ، وَ
تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ، وَ تَبْغُونَها عِوَجاً.
و أمّا أنّه كيف كانوا يهدّدون الراغبين في الإيمان، فقد ذكر المفسّرون في هذا
المجال احتمالات متعددة، فالبعض احتمل أنّه كان ذلك عن طريق التهديد بالقتل، و بعض
آخر احتمل أنّه كان عن طريق قطع الطريق و نهب أموال المؤمنين، و لكن المناسب مع
بقية العبارات الأخرى في الآية هو المعنى الأوّل.
و في ختام الآية جاءت النصيحة الخامسة لشعيب، التي ذكّر فيها قومه بالنعم
الإلهية لتفعيل حسّ الشكر فيهم، فيقول: تذكّروا عند ما كنتم أفرادا قلائل فزادكم
اللّه في الأفراد و ضاعف من قوتكم: وَ
اذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ.
ثمّ يلفت نظرهم إلى عاقبة المفسدين و نهاية أمرهم و مصيرهم المشؤوم حتى لا
يتبعوهم في السلوك فيصابوا بما أصيبوا به، فيقول: وَ انْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ.
و يستفاد من الجملة الأخيرة أنّه على العكس من الدعايات غير المدروسة لتحديد
النسل في هذه الأيّام فإنّ كثرة أفراد المجتمع، يمكن أن تكون منشأ القوّة و عظمة و
تقدم المجتمع في أكثر الموارد، طبعا شريطة أن تضمن معيشتهم وفقا لبرامج منظمة، من
الناحية المادية و المعنوية.
إنّ آخر آية من الآيات المبحوثة هنا بمثابة إجابة على بعض استفهامات المؤمنين
و الكفار من قومه، لأنّ المؤمنين- على أثر الضغوط التي كانت تتوجه إليهم من جانب
الكفار- كان من الطبيعي أن يطرحوا هذا السؤال على نبيّهم: إلى متى نبقى في العذاب
و نتحمل الأذى؟
و كان معارضوهم- أيضا- و الذين تجرأوا لأنّهم لم تصبهم العقوبة الإلهية فورا
يقولون: إذا كنت من جانب اللّه حقّا فلما ذا لا يصيبنا شيء رغم كل ما نقوم به