ألبسة
يرتديها جماعات من الناس- و بخاصّة الشباب المتغرب- يفوق طابعها الجنوني على
الطابع العقلاني، و تكون أشبه بكل شيء إلّا باللباس و الثوب.
و الذي تقود
إليه الدراسة الموضوعية لهذه الظاهرة، هو أنّ للعقد النفسية دورا مهمّا في ارتداء
مثل هذه الألبسة العجيبة الغريبة، فالأفراد الذين لا يتمكنون من القيام بعمل مهم و
ملفت للنظر لتوكيد وجودهم في المجتمع يلجأون إلى هذا الأسلوب و يحاولون بارتداء
هذه الألبسة غير المأنوسة و العجيبة إثبات وجودهم و حضورهم، و لهذا نلاحظ أنّ
أصحاب الشخصيات المحترمة، أو الذين لا يعانون من عقد نفسيّة ينفرون من ارتداء مثل
هذه الثياب.
و على كل حال
فإنّ مبالغ طائلة و ثروات عظيمة جدّا تهدر و تبدّد- اليوم- في سبيل اقتناء و تعاطي
الألبسة المتنوعة و الموضات المختلفة و لو منع من تبذيرها و تبديدها و الإسراف
فيها لأمكن حل الكثير من المشكلات الاجتماعية بها، و لتحولت إلى بلاسم و ضمادات
ناجعة لكثير من جراحات الطبقات المحرومة و الفئات البائسة الفقيرة في المجتمعات
البشرية.
هذا و يستفاد
من تاريخ حياة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و سائر الأئمّة العظام
أنّهم كانوا يعارضون بشدّة مسألة التفاخر بالألبسة و الإفراط في التجمل بها، إلى
درجة أنّنا نقرأ في الرّوايات أنّ وفدا من النصارى قدم على رسول اللّه صلّى اللّه
عليه و آله و سلّم المدينة، و هم يلبسون الألبسة الحريرية الجميلة جدا، و التي لم
يرها العرب إلى ذلك اليوم و لم يعهد أن لبسوها، فلما حضروا عند رسول اللّه صلّى
اللّه عليه و آله و سلّم سلموا عليه، لم يردّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و
سلّم على سلامهم، بل أحجم حتى عن التحدث معهم و لو بكلمة، و أعرض عنهم،
فلمّا
سألوا عليّا عليه السلام عن سبب إعراض النّبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عنهم،
قال عليه السلام لهم: أرى أن تضعوا حللكم هذه و خواتيمكن ثمّ تعودون إليه.
ففعل
النصارى ما قاله لهم الإمام عليه السلام، ثمّ دخلوا على النّبي صلّى اللّه عليه و
آله و سلّم فسلّموا عليه فردّ عليهم و تحدث معهم. ثمّ قال النّبي صلّى اللّه عليه
و آله و سلّم: «و الذي بعثني بالحق لقد أتوني