على أنّه ينبغي الالتفات إلى أنّ إضافة «الناقة» إلى «اللّه» في الآيات
الحاضرة من قبيل الإضافة التشريفية- كما هو المصطلح- فهي إشارة إلى أنّ هذه الناقة
المذكورة لم تكن ناقة عادية، بل كانت لها ميزات خاصّة.
ثمّ إنّه يقول لهم: اتركوا الناقة تأكل في أرض اللّه و لا تمنعوها فَذَرُوها تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَ لا تَمَسُّوها
بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ.
و إضافة الأرض إلى «اللّه» إشارة إلى أنّ هذه الناقة لا تزاحم أحدا، فهي تعلف
من علف الصحراء فقط، و لهذا يجب أن لا يزاحموها.
ثمّ يقول في الآية اللاحقة وَ
اذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ عادٍ وَ بَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ أي من جانب لا تنسوا نعم اللّه الكثيرة، و من جانب آخر
انتبهوا إلى أنّه قد سبقكم أقوام (مثل قوم عاد) طغوا فحاق بهم عذاب اللّه بذنوبهم
و هلكوا.
ثمّ ركز على بعض النعم الإلهية كالأرض فقال: تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِها قُصُوراً، وَ تَنْحِتُونَ
الْجِبالَ بُيُوتاً، فالأرض قد خلقت بنحو تكون
سهولها المستوية و المزودة بالتربة الصالحة لإقامة القصور الفخمة، كما تكون جبالها
صالحة لأن تنحت فيها البيوت القوية المحصنة لفصل الشتاء و الظروف الجوية القاسية.
و يبدو للنظر من هذا التعبير هو أنّهم كانوا يغيرون مكان سكناهم في الصيف و
الشتاء، ففي فصل الربيع و الصيف كانوا يعمدون إلى الزراعة و الرعي في السهول
الواسعة و الخصبة، و لهذا كانت عندهم قصور جميلة في السهول، و عند حلول فصل البرد
و الانتهاء من الحصاد يسكنون في بيوت قوية منحوتة في قلب الصخور، و في أماكن آمنة
تحفظهم من خطر السيول و العواصف و الاخطار.
و في ختام الآية يقول تعالى:
فَاذْكُرُوا آلاءَ اللَّهِ وَ لا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ