في هذه الآيات جاءت الإشارة إلى قيام «صالح» النّبي الإلهي العظيم في قومه
«ثمود» الذين كانوا يسكنون في منطقة جبلية بين الحجاز و الشام، و بهذا يواصل
القرآن أبحاثه السابقة الغنية بالعبر حول قوم نوح و هود.
و قد أشير إلى هذا القصة أيضا في سورة: «هود» و «الشعراء» و «القمر» و «الشمس»
و جاءت بصورة أكثر تفصيلا في سورة «هود» أمّا هذه الآيات فقد أوردت ما دار بين
صالح عليه السلام و قومه قوم ثمود، و عن مصيرهم، و عاقبة أمرهم بصورة مختصرة.
فيقول تعالى في البداية: وَ إِلى
ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً.
و قد مر بيان العلة في إطلاق لفظة «الأخ» على الأنبياء عند تفسير الآية (65)
من نفس هذه السورة في قصة هود.
و لقد كانت أوّل خطوة خطاها نبيّهم صالح في سبيل هدايتهم، هي الدعوة إلى
التوحيد، و عبادة اللّه الواحد قالَ يا
قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ.
ثمّ أضاف: إنّه لا يقول شيئا من دون حجة أو دليل، بل قد جاء إليهم ببيّنة من
ربّهم قَدْ جاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ
هذِهِ ناقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً.
و «النّاقة» أنثى الإبل، و قد أشير إلى ناقة صالح في سبعة مواضع من القرآن
الكريم [1] و أمّا
حقيقة هذه الناقة، و كيف كانت معجزة صالح الساطعة، و آيته المفحمة لقومه، فذلك ما
سنبحثه في سورة هود، في ذيل الآيات المرتبطة بقوم ثمود بإذن اللّه.
[1] قال الطبرسي في المجمع: الناقة
أصلها من التوطئة و التذليل بعير منوق أي مذلل موطأ، و لعل إطلاقها على أثنى الإبل
لكونها أكثر ذلولا للامتطاء و الركوب.