و بديهي فالسرور و الارتياح ليس مذموم بذاته، و لكنّ السرور المذموم هو الذي
يغفل فيه الإنسان عن ذكر مولاه عزّ و جلّ، و يغرق به في بحر شهواته الموصل إلى
التيه و الضلالة و الجهل. أمّا سرور المؤمن بلطف اللّه و نعمائه، و بشاشته عند
مصاحبة إخوانه، فما أحلاها و أزكاها.
و يتقرب لنا المعنى من خلال الآية التالية: إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ.
فاعتقاده الفاسد و ظنّه الباطل الدائر على نفي المعاد، مصدر سروره و غروره و
هو ما سيوصله إلى الشقاء الأبدي، لأنّه ابتعد عن ساحة رضوانه سبحانه و تعالى بعد
أن أوقعته شهواته في هاوية الاستهزاء بدعوة الأنبياء عليهم السّلام الربانية، حتى
أوصلته حالته المرضية تلك لأنّ يستمر في استهزاءه و سخريته حتى في حال عودته إلى
أهله، كما أشارت الآية (31) من سورة المطففين: وَ إِذَا انْقَلَبُوا إِلى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا
فَكِهِينَ، و كما وردت الإشارة أيضا على لسان علماء بني
إسرائيل حينما خاطبوا قارون الثري المغرور الجاهل: لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ. [1] «لن يحور»: لن يرجع، من (الحور)- على زنة غور- بمعنى: الرجوع، التردد،
الذهاب، و الإياب (سواء كان في العمل أو الفكر)، و «حار الماء» في الغدير: تردد
فيه، و يقال «المحور»: للعود الذي تجري عليه البكرة و تدور حوله و المحاورة و
(الحوار): المراودة في الكلام، و (تحير في الأمر): تردد فيه بين أن يقدم أو لا
يقدم.
و قيل: أصل الكلمة (حبشي).
و روي عن ابن عباس أنّه قال: (ما كنت أدري ما معنى «حور» حتى سمعت