و ربّما كان استعمال كلمة «الحواري» في نعت أصحاب عيسى عليه السّلام أو أي
مقرّبين لأحد، ربّما كان لكثرة ترددهم عليه.
و قيل: حورت الشيء، أيّ بيضته، و سمّي أنصار عيسى عليه السّلام الحواريين
لتبييضهم قلوب النّاس بالمواعظ الهادية، و «الحور العين» إشارة إلى بياضهنّ، أو
لشفّافية بياض عيونهنّ.
و قيل أيضا: إنّ سبب تسميتهنّ ب «الحور العين» يعود إلى تحير العين في جمالهنّ
الخارق.
و على أيّة حال، فيقصد من الكلمة في الآية المبحوثة، الرجوع و المعاد، لإيضاح
أنّ عدم الإيمان بالمعاد يؤدي إلى الوقوع في اتون الغفلة و الغرور و ارتكاب
المعاصي.
و لنفي العقائد الضالة، تقول الآية:
بَلى إِنَّ رَبَّهُ كانَ بِهِ بَصِيراً.
فكل أعمال الإنسان تسجل و تحصى عليه، لتعرض يوم الحساب في صحيفته.
و الآية تشارك الآية السابقة: يا
أَيُّهَا الْإِنْسانُ إِنَّكَ كادِحٌ إِلى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ في كونها دليلا على المعاد أيضا. فتأكيد الآيتين على كلمة
«ربّ» يدل على أن الإنسان في سيرة التكاملي صوب ربّه لا ينتهي بالموت، و أنّ
الحياة الدنيا لا يمكنها أن تكون هدفا و غاية لهذا الخلق العظيم و هذا المسار
التكاملي ...
و كذلك كون اللّه «بصيرا» بأعمال الإنسان و تسجيلها لا بدّ من اعتباره مقدمة
للحساب و الجزاء و إلّا لكان عبثا، و هذا ما لا يكون.
[1] مفردات الراغب، و تفسير الفخر
الرازي، و غيرهما.