قيل: إنّ
يدهم اليمنى تغلّ إلى أعناقهم، و يعطون الكتاب باليد اليسرى من وراء ظهورهم إيغالا
في إذلالهم و إخجالهم.
و قيل: إنّ
كلتي يديهم تربط من خلفهم- كما يفعل بالأسير- و يعطون الكتاب باليد اليسرى من وراء
الظهر.
و قيل أيضا:
ستكون وجوه المجرمين من الخلف، بدلالة الآية (47) من سورة النساء:
مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّها عَلى أَدْبارِها،
فيعطون كتبهم من وراء ظهورهم و بيدهم اليسرى، كي يقرءوها بأنفسهم.
و الأنسب أن
نقول: سيأخذ أصحاب اليمين كتبهم بافتخار و مباهاة في يدهم اليمنى، و كلّ منهم
يقول: هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ[1]،
و لكن المجرمين سيأخذون كتبهم بأيديهم اليسرى و بسرعة و يضعونها وراء ظهورهم خجلا
و ذلا، و لكي لا يطّلع على ما فيها أحد، و لكن، هيهات ... فكلّ شيء حينئذ بارز،
كيف لا و هو «يوم البروز»! ...
يَدْعُوا
ثُبُوراً: يصرخ بالويل و الثبور، كما هو متعارف عليه عند نزول بلاء، أو وقوع
حادث شديد الخطورة.
و «الثبور»:
الهلاك.
و لكنّ صراخه
سوف لا يدر عليه نفعا أبدا أبدا، و لا بدّ من نيله جزاء ما اقترف:
وَ يَصْلى سَعِيراً أي يدخل نار جهنم.
تبيّن الآية التالية علّة تلك العاقبة المخزية: إِنَّهُ كانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُوراً.
سرورا ممتزجا بالغرور، و غرورا احتوشته الغفلة و الجهل بربّ الأرباب سبحانه و
تعالى، فالسرور المقصود في الآية، هو ذلك السرور المرتبط بشدّة بالدنيا و المنسي
لذكر الآخرة.