و في ثالث
مرحلة تقول الآية التالية: وَ أَلْقَتْ ما فِيها وَ
تَخَلَّتْ.
و المعروف
بين المفسّرين أنّ الآية تشير إلى إلقاء الأرض بما فيها من موتى فيخرجون من باطن القبور
إلى ظاهر الأرض، مرتدين لباس الحياة من جديد.
و قد تناولت
آيات اخرى هذا الموضوع، كالآية (2) من سورة الزلزال:
وَ
أَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها، و الآيتين (13 و 14) من سورة
النازعات: فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ.
و قال بعض
المفسّرين: إنّ المعادن و الكنوز المودعة في الأرض ستخرج مع الأموات أيضا.
و ثمّة
احتمال آخر في تفسير الآية، يقول: إنّ المواد المذابة التي في باطن الأرض ستخرج
نتيجة الزلازل الرهيبة التي تقذفها إلى الخارج، فتملأ الحفر و المنخفضات الموجودة
على سطح الأرض، و ستهدأ الأرض بعد أن يخلو باطنها من هذه المواد.
و الجمع بين
المعاني التي وردت في تفسير الآية، ممكن.
و ...:
وَ أَذِنَتْ لِرَبِّها وَ حُقَّتْ.
فتسليم
الموجودات لما سيحدث من كوارث كونية مدمرة ينم عن جملة امور، فمن جهة: إنّ الفناء
سيعم الدنيا بكاملها بأرضها و سمائها و إنسانها و كلّ شيء آخر، و من جهة اخرى:
فالفناء المذكور يمثل انعطافة حادّة في مسير عالم الخليقة، و مقدّمة للدخول في
مرحلة وجود جديدة، و من جهة ثالثة، فكلّ ما سيجري سينبأ بعظمة قدرة الخالق
المطلقة، و خصوصا في مسألة المعاد.
نعم، فسيرضخ
الإنسان، بعد أن يرى بأمّ عينيه وقوع تلك الحوادث العظام، و سيرى حصيلة أعماله
الحسنة و السيئة.
و تبيّن
الآية التالية معالم طريق الحياة للإنسان مخاطبة له: يا
أَيُّهَا الْإِنْسانُ إِنَّكَ كادِحٌ إِلى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ.