و قيل: إن امرأة أبي لهب (و اسمها أم جميل) علمت أن هذه السّورة نزلت فيها و
في زوجها. جاءت إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و النّبي لا يراها، حملت
حجرا و قالت: سمعت أن محمّدا هجاني، قسما لو وجدته لألقمن فمه هذا الحجر. أنا
شاعرة أيضا. ثمّ أنشدت اشعارا في ذم النّبي و الإسلام [1].
خطر أبي لهب و امرأته على الإسلام لم يكن منحصرا فيما ذكرناه. و إذ نرى القرآن
يحمل عليهما بشدّة و يذمهما بصراحة، فلأسباب أخرى، سنشير إليها فيما بعد.
التّفسير
تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ
هذه السّورة- كما ذكرنا في سبب نزولها- ترد على بذاءات أبي لهب عم النّبي صلّى
اللّه عليه و آله و سلّم و ابن عبد المطلب. و كان من ألد أعداء الإسلام، و حين صدح
النّبي بدعوته و أعلنها على قريش و أنذرهم بالعذاب الإلهي قال: «تبا لك أ لهذا
دعوتنا جميعا»؟! و القرآن يرد على هذا الإنسان البذي و يقول له:
تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَ تَبَ.
«التّب» و «التاب» يعني الخسران
المستمر كما يقول الراغب في مفرداته أو هو الخسران المنتهي بالهلاك كما يقول
الطبرسي في مجمع البيان.
و بعض اللغويين قال إنّه القطع و البتر. و هذا المعنى الأخير هو النتيجة
الطبيعية للخسران المستمر المنتهي بالهلاك.
[1]- تفسير القرطبي، ج 10، ص 7324
(بتلخيص قليل) و الرّواية بنفس المضمون ذكرها الطبرسي في مجمع البيان، و ابن
الأثير في الكامل، ج 2، ص 60 و في الدر المنثور، و أبي الفتوح الرازي و الفخر
الرازي، و في ظلال القرآن، في تفسير هذه السّورة.